الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العطايا التي أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم هوازن

                                                                                                                                                                              6130 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى أبا سفيان، وعيينة، والأقرع، وسهيل بن عمرو في آخرين يوم حنين، فقالت الأنصار: سيوفنا تقطر من دمائهم، وهم يذهبون بالمغنم. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فجمعهم في قبة له حتى فاضت، فقال: "أفيكم غيركم؟" قالوا: لا، إلا ابن أخت لنا. قال: "فإن ابن أخت القوم من أنفسهم" ، ثم [ ص: 143 ] قال: "قلتم كذا وكذا؟" ، قالوا: نعم. قال: "أنتم الشعار، والناس الدثار، أما ترضون يذهب الناس بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله إلى دياركم؟" قالوا: بلى. قال: " الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعبهم، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار" .

                                                                                                                                                                              6131 - حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني زهير، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب، وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها، ولا أريد بها وجه الله. فقلت: والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأتيته فأخبرته بما قال الرجل، فتغير وجهه حتى كان كالصوف، ثم قال: "فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله" ، ثم قال: "يرحم الله موسى قد أوذي أكثر من هذا فصبر" . قلت: لا جرم، لا أرفع إليه بعد هذا حديثا أبدا .

                                                                                                                                                                              6132 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك، أن ناسا من الأنصار، قالوا يوم حنين: أفاء الله على رسوله أموال هوازن، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل، كل رجل منهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس: فحدث [ ص: 144 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار، فجمعهم في قبة من أدم، لم يدع معهم أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما حديث بلغني عنكم؟" ، قالت الأنصار: أما ذوو رأينا فلم يقولوا شيئا، وأما أناس حديثة أسنانهم، فقالوا كذا وكذا، للذي قالوا - قال: "إنما أعطي رجالا حدثاء عهد أتألفهم" - أو قال: "أستألفهم - أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به" ، قالوا: أجل يا رسول الله، قد رضينا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله، وإني فرطكم على الحوض" ، قال أنس: فلم يصبروا .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية