الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر رد السرايا ما تغنم على العسكر

                                                                                                                                                                              جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "ويرد سراياهم على قاعدهم" .

                                                                                                                                                                              6143 - حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو جعفر الرازي، حدثنا أبو زهير، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، قام في الناس، فقال: "والمسلمون يد على من سواهم، يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ويرد سراياهم على قاعدهم" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ومعنى رد سراياهم على قاعدهم بعدما تقبض السرية، [ ص: 156 ] ما جعل لها، وخص بها من النفل في البدأة الربع بعد الخمس، وفي الرجعة الثلث بعد الخمس، إذا جعل الإمام لهم ذلك، استدلالا بخبر حبيب بن مسلمة .

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيما تصيب السرايا; فقال كثير من أهل العلم: إذا خرج الإمام أو القائد إلى بلاد العدو، فأقام بمكان، وبعث سرية أو سرايا في وجوه شتى، فأصابت السرايا مغنما، أن ما أصابت بينها وبين العسكر، وكذلك لو أصاب العسكر شيئا، شركهم من خرج في السرية; لأن كل فريق منهم ردءا لصاحبه، أو لأصحابه، ففي قول مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: ترد السرايا على العسكر، والعسكر على السرايا، وروينا ذلك عن الضحاك بن مزاحم قال، وقال حماد بن أبي سليمان : (إذا) أصابت السرية الغنيمة، وخلفهم الجيش ردوا على الجيش; لأنهم ردء لهم إلا أن يقول الإمام: من أخذ شيئا فهو له.

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري غير ذلك قال: إذا خرجت السرية بإذن الأمير، فما أصابوا من شيء خمسه الإمام، وما بقي فهو لتلك السرية، وإذا خرجوا بغير إذنه خمسه الإمام، وكان ما بقي بين الجيش كلهم . [ ص: 157 ]

                                                                                                                                                                              وقال النخعي في الإمام يبعث السرية فيصيبوا المغنم: إن شاء الإمام خمسه، وإن شاء نفلهم كله .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية