الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في الطعام يأخذه المرء فيفضل معه فضلة

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الطعام يأخذه المرء للأكل فيخرج ومعه منه فضلة، فقالت طائفة: يرد ما أخذ إلى الإمام، كذلك قال: سفيان الثوري، والشافعي كذلك قال في كتاب سير الواقدي، وقال في كتاب سير الأوزاعي : "فإن الذي قال الأوزاعي من أن ينصرف بفضل الطعام للقياس إن كان يأخذ الطعام في بلاد العدو فيكون له دون غيره من الجيش ففضل منه فضل، كان ما فضل من شيء له دون غيره والله أعلم" .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: له أن يحمله إلى أهله، ويهدي بعضهم لبعض هذا قول الأوزاعي، قال: وقد كانوا يخرجون بالقديد والجبن إذا كان للأكل أو هدية، فأما للبيع فلا يصلح، وقال: إن خرج بفضل علفه فليعلفه ظهره حتى يقدم على أهله، ومن بعد ما يقدم إن شاء فإن باعه وضع ثمنه في مغانم المسلمين، وإن كانت قد قسمت تصدق بها عن ذلك الجيش . [ ص: 78 ]

                                                                                                                                                                              وكان سليمان بن موسى يقول في رجل حمل طعاما إلى أهله: لا بأس به .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور: فيها قولان أحدهما: أنه له، والثاني: أن يرده إلى الغنيمة، والأول أقيسهما وأحب إلي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو قول من فرق بين القليل والكثير منه فقال مالك: أما الخفيف من ذلك فلا بأس، إنما هي فضلة زاد تزوده مثل الجبن واللحم، وهذه الأطعمة إذا كان يسيرا لا بال له أن يأكله في أهله، وقال أحمد بن حنبل في الطعام يحمل من بلاد العدو: كرهه إذا كثر، وسهل في القليل منه، وقال: أهل الشام يتسهلون فيه، وقال الليث بن سعد: أحب إلي إذا دنا من أهله أن يطعمه أصحابه .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان في الرجل يأخذ العلف فيفضل معه منه شيء بعد أن يخرج إلى بلاد الإسلام: إن كانت الغنيمة لم تقسم أعاده فيها، وإن كانت قسمت باعه فتصدق بثمنه .

                                                                                                                                                                              وأنكر يعقوب قول الأوزاعي، قال: القليل من هذا والكثير مكروه، ينهى عنه أشد النهي . [ ص: 79 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية