الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الأخبار عن الأوائل في هذا الباب

                                                                                                                                                                              6238 - حدثنا موسى بن هارون، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا حفص، حدثنا محمد بن أبي حفصة أبو سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: دخلت على عمر حين طعن، فسمعته يقول: " واعلموا أن كل أسير من أسارى المسلمين، فإن فكاكه من بيت مال المسلمين . [ ص: 249 ]

                                                                                                                                                                              6239 - وحدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد العدني، عن سفيان، حدثني عبد الله بن شريك العامري، عن بشر بن غالب، قال: سأل ابن الزبير حسين بن علي، على من فكاك الأسير؟ قال: - يعني - على الأرض التي نقاتل عنها .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز، أنه أعطى رجلا مالا ليخرج به يفدي الأسارى، فقال: الرجل: يا أمير المؤمنين: إنا سنجد ناسا فروا إلى العدو طوعا، فنفديهم؟ قال: نعم، قال: وعبيدا فروا طوعا، وإماء، قال: افدوهم، فلم يذكر له صنفا من الناس من حيز المسلمين إلا أمر به ففدي، وقال عمر: إذا خرج الرومي بالأسير من المسلمين فلا يحل للمسلمين أن يردوه إلى الكفر، ليفادوه بما استطاعوا. قال الله: ( وإن يأتوكم أسارى تفادوهم ) .

                                                                                                                                                                              وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه بعث عبد الرحمن بن أبي عمرة يفدي أسارى المسلمين من القسطنطينية، قال: قلت: يا أمير المؤمنين! إن أبوا أن يفدوا الرجل بالرجل فكيف أصنع؟ قال: زدهم . [ ص: 250 ]

                                                                                                                                                                              قال: فإن أبوا إلا أربعا؟ قال: فأعط لكل مسلم ما سألوك، فوالله لرجل من المسلمين أحب إلي من كل مشرك عندي، إنك ما فديت به المسلم فقد ظفرت، وإنك إنما تشتري الإسلام، قلت: أفرأيت إن وجدت رجالا قد تنصروا، فأرادوا أن يرجعوا إلى الإسلام؟ قال: نعم، أفديهم بمثل ما تفدي به غيرهم، وقال في النساء: وفيمن تنصر منهن مثل ذلك، وقال في العبيد: إذا كانوا مسلمين مثل ذلك، قال: فصالحت عظيم الروم على كل رجل من المسلمين رجلين من الروم .

                                                                                                                                                                              وقد روي عنه أنه قال في أهل الذمة: أفديهم بمثل ما يفدى به غيرهم، وسئل مالك : أواجب على المسلمين افتداء من أسر منهم؟ فقال: نعم، أليس واجب عليهم أن يقاتلنهم حتى يستنقذوهم، فقيل: بلى، فقال: فكيف لا يفدوهم بأموالهم، وقال عمر بن عبد العزيز في فداء الأسارى: لا يحل لهم أن يأبوا ذلك عليهم .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل : يفادى رأس برؤوس، أليس قد فادى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يفادي بالأموال، لا أعرفه. وقال إسحاق: الفداء بالرؤوس أحب إلينا، ولو رأس برؤوس، ولكن إن أبوا إلا أن يفادوا بالذهب والفضة، لا يحل لإمام المسلمين إلا أن يفاديهم ولو بمال عظيم من بيت مال المسلمين، ألا ترى إلى ما أوصى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن . [ ص: 251 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية