الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              الأخبار التي روينا عن الأوائل في هذا الباب

                                                                                                                                                                              6246 - حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد، عن سفيان، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن حكيم بن عقال، أن عثمان بن عفان، كتب إليه يقول: "لا تفرق بين الوالد وولده - يعني في البيع - .

                                                                                                                                                                              وكذلك رواه حماد بن زيد، عن أيوب :.

                                                                                                                                                                              6247 - حدثنيه يحيى، عن أبي الربيع، عن حماد . وحدثنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، حدثنا ( هشيم ) ، قال: أخبرنا يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن حكيم بن عقال، أن عمر، كتب إليه أن يبتاع له مائة أهل بيت، ثم يبعث بهم إليه، وكتب إليه أن لا تشتري منهم أحدا، تفرق بين والدته أو والده . [ ص: 262 ]

                                                                                                                                                                              6248 - أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، أن أبا أسيد الأنصاري، قدم بسبي من البحرين، فصفوا، فقام فنظر إليهم، فإذا امرأة تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: بيع ابني في بني عبس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد: "لتركبن فلتجيئن به كما بعته باليمن" فركب أبو أسيد فجاء به .

                                                                                                                                                                              6249 - وأخبرنا محمد ، عن ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن من سمع سالم بن عبد الله، يذكر عن [أبيه] ، أنه قال: " لا تفرقوا بين الأم وولدها، قال سالم: وإن لم يعتدل القسم؟ فقال عبد الله بن عمر: "وإن لم يعتدل القسم" .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الوقت الذي يجوز أن يفرق بين الوالدة وولدها، فكان مالك يقول: حد ذلك ثغر .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن حد ذلك أن ينفع نفسه، ويستغني عن أمه فوق عشر سنين، أو نحو ذلك، هذا قول الليث بن سعد، وقال الأوزاعي : إذا استغنى عن أمه فقد خرج من الصغر . [ ص: 263 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن لا يفرق بينهما في البيع حتى يصير ابن سبع سنين أو ثمان سنين، وهذا قول الشافعي، الربيع عنه .

                                                                                                                                                                              وحكى أبو ثور عنه أنه قال: إذا كان يلبس وحده، ويتوضأ وحده، ويأكل وحده، فلا بأس أن يفرق بينهما، وبه قال أبو ثور، وهذا قول رابع .

                                                                                                                                                                              وقال سعيد بن عبد العزيز : لا توله امرأة عن ولدها الصغير، كانوا يقولون: لا يفرق بينهما في البيع حتى يرفع عنه اسم اليتيم، وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى في السبي "أن لا يوله ولد عن والدته" .

                                                                                                                                                                              6250 - ابن عبد الحكم أخبرني، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عمر .

                                                                                                                                                                              وحكاية سعيد هذا القول قول خامس .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل قولا سادسا: قيل لأحمد : من الذي يكره التفريق بينه من السبايا؟ قال: السبي خاصة لا يفرق بينهم، قال: وقد ترخص بعض الناس في الولدين منهم، فأما السبي فلا يفرق بينه، قال: فالمحتلمين لا يفرق بينهما؟ قال: لا، قلت لأبي عبد الله: بين المرأة وأمها والأخوين؟ قال: لا يفرق بين شيء من السبي، قلت له: والصغير والكبير سواء؟ فقال: نعم، قلت له: والذكر والأنثى سواء؟ [ ص: 264 ] قال: نعم، وقال عثمان حين قال لا يفرق بين أهل البيت: بد من أن يكون فيهم كبار، وقال النعمان وأصحابه: لا يفرق بين الجارية وولدها إذا كانوا صغارا، وإن كانوا رجالا أو نساء أو غلمانا قد احتلموا فلا بأس أن يفرق بين هؤلاء .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: هذا الذي ذكرناه إلا ما رويناه، عن عمر هو في التفريق بين الولد ووالدته في البيع، وأحسب أن الحديث هو عن عثمان، ولكن الذي حدثني، قال عن عمر .

                                                                                                                                                                              فأما التفريق بين الوالد ووالده فإن مالكا قيل له: أفرأيت الوالد وولده؟ فقال: ليس من ذلك في شيء .

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد : أدركت الناس وهم يفرقون بين الأخوين في البيع، وبين الوالد وولده، ولا (يفرقون) بين الأم وولدها حتى يبلغ .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن لا يجوز أن يفرق بينهما، هذا قول أحمد بن حنبل، قال: أما الأب والأخ والولد فهو أبين، وذكر حديث عثمان أنه أمر أن يشترى له مائة أهل بيت ولا يفرق بينهم، وقال أحمد: لا يفرق بين شيء من السبي، وفي قول أصحاب الرأي: لا يفرق بين الوالد وولده في البيع، وهذا قياس قول كل من يرى أن لا يفرق بين كل ذي رحم محرم . [ ص: 265 ]

                                                                                                                                                                              ويشبه مذهب الشافعي أن لا يفرق بين الوالد وولده حتى يبلغ الولد سبع سنين، أو ثمان سنين; لأنه قال: فإن قال قائل: فكيف فرقتم بين الأخوين، ولم تفرقوا بين الولد وأمه، قيل: السنة في الولد وأمه، ووجدت حال الولد من الوالد مخالفا حال الأخ من أخيه، وجدتني أجبر الولد على نفقة الوالد، والوالد على نفقة الولد، وذكر كلاما تركت ذكره ها هنا .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية