الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل من هذا الباب:

                                                                                                                                                                              واختلفوا في أخذ الإبرة من المغنم، فقال مالك: الإبرة ينتفع بها أرى هذا خفيفا، وقال الشافعي : لو أخذ إبرة أو خيطا كان محرما، واستدل الشافعي بقوله: "أدوا الخياط والمخيط" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وبه نقول .

                                                                                                                                                                              6067 - حدثنا يحيى، حدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن بديل بن ميسرة وخالد الحذاء، والزبير بن خريت، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من [بلقين] قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى يعرض فرسا قال: قلت: ما تقول في الغنيمة؟ قال: "لله خمسها وأربعة أخماسه للجيش"، قلت: فما أحد أولى به من أحد؟ قال: "لا، ولا السهم تستخرجه من جنبك ليس أنت أحق به من أخيك المسلم" .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في صيد الطير في أرض العدو فقال مالك : إذا اصطاد طيرا في أرض العدو فباعه أدى ثمنه إلى صاحب المقسم، وكان [ ص: 74 ] الشافعي يقول: ما أخذ من صيد ليس بملك لأحد، فهو لآخذه.

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن القاسم، وسالم أنهما قالا في الرجل يصيد الطير في أرض العدو، والحيتان: أنه يبيعه ويأكل ثمنه .

                                                                                                                                                                              وقال بكر بن سوادة : "رأيت الناس ينقلبون بالمشاجب والعيدان، لا يباع في قسم من ذلك شيء" ، وقال الأوزاعي في الحطب يحتطبه الرجل في أرض العدو، والحشيش يحتشه: إن باعه فله ثمنه ولا خمس فيه، وقال فيما لم يحرزوه في بيوتهم نحو الشجر، والأقلام، والأحجار، والمسن، والأدوية: إن لم يكن لشيء منها ثمن أخذه من شاء، وإن عالجه فصار له ثمن هو له ليس عليه فيه شيء، قال: وكان مكحول يقول ذلك .

                                                                                                                                                                              وقال الثوري في ذلك: إذا جاء به إلى دار الإسلام فكان له ثمن دفعه إلى المقسم، وإن لم يكن له ثمن حتى عمله فعالجه أعطي بقدر عمله فيه، وكان نفقته في المقسم .

                                                                                                                                                                              وفي قول الشافعي : ما أخذ منه مما لم يملكه أحد فهو له دون الجيش .

                                                                                                                                                                              وكان مالك يقول في أخذ الشيء من أرض العدو مثل حجر الرخام، والمسن ففيه شك; لأنه لم ينل ذلك الموضع إلا بجماعة الجيش ولا أحبه، وسهل مالك في السرج يصنعه منه والنشاب . [ ص: 75 ]

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد: حدثنا من أدركنا من مشايخنا أن الرجل كان إذا أراد أن ينتفع بشيء مما يأخذ من الشجر في أرض العدو، أتى إلى صاحب المغانم فألقى إليه سهما ليتحلل به ما يأخذ من الشجر ليعمله مشاجبا، أو ما أراد، ثم ينقلب به إلى أهله .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: "ما كان مباحا ليس ملكه لآدمي، أو صيد من بر أو بحر، فأخذه مباح، يدخل في ذلك القوس يقطعها الرجل من الصحراء، أو الحبل، أو القدح ينحته، أو ما شاء من الخشب، وما شاء من الحجارة للبرام وغيرها، فكل ما أصيب من هذا فهو لمن أخذه .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: كل شيء أصابه المسلمون في دار الحرب له ثمن مما في عسكر أهل الحرب، أو مما في الصحاري، والغيضان، والغياض فهو في الغنيمة لا يحل لرجل كتمه، ولا يغله من قبل أنه لم يقدر على أخذه إلا بالجند، ولا على مبلغه حيث بلغ إلا بجماعة أصحابه .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل : ما أصاب في بلاد الروم مما ليس له (هناك) قيمة قال: لا بأس بأخذه .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: "لا يوقح الرجل دابته، ولا يدهن أشاعرها من أدهان العدو، لأن هذا غير مأمور له به من الأكل، فإن فعل رد قيمته، [ ص: 76 ] والأدوية كلها فليس من حساب المأذون له به، وكذلك الزنجبيل مرببا وغير مربب، [والألايا] طعام يؤكل فلصاحبه أكله" .

                                                                                                                                                                              وكان أحمد بن حنبل يقول في الزيت من زيت الروم يدهن به في بلاد الروم: إذا كان ذلك من صداع أو ضرورة فلا بأس، وأما التزين فلا يعجبني .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية