الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر إباحة دفع المرء عن نفسه الظلم بالشيء يبذله من ماله

                                                                                                                                                                              6550 - حدثنا موسى بن هارون ، قال: أخبرنا أبو بكر ، قال: حدثنا وكيع ، قال: حدثنا أبو العميس، عن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود لما أتى أرض الحبشة أخذ في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله .

                                                                                                                                                                              6551 - وقد روينا عن عطاء وجابر بن زيد والشعبي والحسن البصري أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم .

                                                                                                                                                                              وقال مجاهد : تجعل مالك فيه دون دينك ولا تجعل دينك فيه دون مالك .

                                                                                                                                                                              6552 - وروينا عن الشعبي أنه قال: لأن أعطي درهما في النائبة أحب إلي من أن أعطي خمس الدراهم، يعني يتصدق بها .

                                                                                                                                                                              وقال جابر بن زيد : ما رأينا في زمان زياد [شيئا] أنفع لنا من الرشا . [ ص: 613 ]

                                                                                                                                                                              وقال أحمد في الرشوة: أرجو إذا كان يدفع الظلم عن نفسه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : على القاضي إنفاذ الحكم على الخصم إذا ثبت ذلك عنده، فلو ثبت عنده لرجل حق فدافع به حتى أعطي عليه عطاء ثم حكم به للعطاء الذي أعطيه، والذي حكم به حق في نفسه لم يجز ذلك، لأنه خرج من حد الأمانة بامتناعه مما وجب عنده من إنفاذ الحكم حتى أعطي العطاء فلا يجوز حكم من هذه صفته، لأن القاضي لا يكون إلا عدلا، فإذا صار غير عدل لم تجز أحكامه، وإن كان المرتشي في ذلك بعض من يليه من ولد أو والد ولا يعلم القاضي بذلك أو قد مضى الحكم على ما يجب فالحكم ماض، والشيء المعطى على مثل هذا المعنى مردود إلى صاحبه، فينبغي للقاضي أن يتجر أن يصل أحد من أسبابه إلى هذا المعنى، ولا ينبغي للقاضي أن يقبل هدية من أحد من الناس إلا من رجل كان يهاديه قبل أن يولى القضاء فإن ذلك لا يكره ، فإن وقعت للذي كان يهاديه عنده خصومة وقف على قبول هداياه استحسانا ودفعا للمقالة عن نفسه حتى تنقضي الخصومة، ثم لا بأس أن يرجعا إلى عادتهما .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية