الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (146) قوله تعالى: الذين آتيناهم : فيه ستة أوجه أظهرها: أنه مرفوع بالابتداء، والخبر وقوله "يعرفونه". الثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هم الذين آتيناهم. الثالث: النصب بإضمار أعني. الرابع: الجر على البدل من "الظالمين". الخامس: على الصفة للظالمين. السادس: النصب على البدل من "الذين أوتوا الكتاب" في الآية قبلها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 169 ] قوله: "يعرفونه" فيه وجهان، أحدهما: أنه خبر للذين آتيناهم كما تقدم في أحد الأوجه المذكورة في "الذين آتيناهم". الثاني: أنه نصب على الحال على باقية الأقوال المذكورة، وفي صاحب الحال وجهان، أحدهما: المفعول الأول لآتيناهم، والثاني: المفعول الثاني وهو الكتاب، لأن في "يعرفونه" ضميرين يعودان عليهما. والضمير في "يعرفونه" فيه أقوال، أحدهما: أنه يعود على الحق الذي هو التحول. الثاني: على القرآن. الثالث: على العلم، الرابع: على البيت الحرام، الخامس: على النبي صلى الله عليه وسلم وبه بدأ الزمخشري، واختاره الزجاج وغيره، قالوا: وأضمر وإن لم يسبق له ذكر لدلالة الكلام عليه وعدم اللبس، ومثل هذا الإضمار فيه تفخيم له كأنه لشهرته وكونه علما معلوما مستغنى عن ذكره بلفظه. قال الشيخ: "بل هذا من باب الالتفات من الخطاب في قوله:"فول وجهك" إلى الغيبة".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "كما يعرفون" الكاف في محل نصب: إما على كونها نعتا لمصدر محذوف أي: معرفة كائنة مثل معرفتهم أبناءهم أو في موضع نصب على الحال من ضمير ذلك المصدر المعرفة المحذوف، التقدير: يعرفونه المعرفة مماثلة لعرفانهم، وهذا مذهب سيبويه، وتقدم تحقيق هذا. و "ما" مصدرية لأنه ينسبك منها ومما بعدها مصدر كما تقدم تحقيقه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وهم يعلمون" جملة اسمية في محل نصب على الحال من فاعل يكتمون، والأقرب فيها أن تكون حالا لأن لفظ "يكتمون الحق" يدل على علمه إذ الكتم إخفاء ما يعلم، وقيل: متعلق العلم هو ما على [ ص: 170 ] الكاتم من العقاب، أي: وهم يعلمون العقاب المرتب على كاتم الحق، فتكون إذ ذاك حالا مبينة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية