الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (238) قوله تعالى: حافظوا : في "فاعل" هنا قولان، أحدهما: أنه بمعنى فعل كطارقت النعل وعاقبت اللص. ولما ضمن المحافظة معنى المواظبة عداها بـ "على". الثاني: أن "فاعل" على بابها من كونها بين اثنين، فقيل: بين العبد وربه، كأنه قيل: احفظ هذه الصلاة يحفظك الله. وقيل: بين العبد والصلاة أي: احفظها تحفظك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو البقاء: "ويكون وجوب تكرير الحفظ جاريا مجرى الفاعلين، إذ كان الوجوب حاثا على الفعل، فكأنه شريك الفاعل للحفظ، كما قالوا في "واعدنا موسى" فالوعد من الله والقبول من موسى بمنزلة الوعد. وفي "حافظوا" معنى لا يوجد في "احفظوا" وهو تكرير الحفظ" وفيه نظر; إذ المفاعلة لا تدل على تكرير فعل البتة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 499 ] قوله: "والصلاة الوسطى" ذكر الخاص بعد العام، وقد تقدم فائدته عند قوله: "من كان عدوا لله"، والوسطى: فعلى معناها التفضيل، فإنها مؤنثة للأوسط، كقوله - يمدح الرسول عليه السلام -:


                                                                                                                                                                                                                                      1008 - يا أوسط الناس طرا في مفاخرهم وأكرم الناس أما برة وأبا

                                                                                                                                                                                                                                      وهي [من] الوسط الذي هو الخيار وليست من الوسط الذي معناه: متوسط بين شيئين، لأن فعلى معناها التفضيل; ولا يبنى للتفضيل إلا ما يقبل الزيادة والنقص، والوسط بمعنى العدل والخيار يقبلهما بخلاف المتوسط بين الشيئين فإنه لا يقبلهما فلا يبنى منه أفعل التفضيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ علي: "وعلى الصلاة" بإعادة حرف الجر توكيدا، وقرأت عائشة - رضي الله عنها - "والصلاة" بالنصب، وفيها وجهان، أحدهما على الاختصاص، ذكره الزمخشري، والثاني على موضع المجرور، مثله نحو: مررت بزيد وعمرا، وسيأتي بيانه في المائدة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "قانتين" حال من فاعل "قوموا". و "لله" يجوز أن تتعلق اللام بقوموا، ويجوز أن تتعلق بـ قانتين، ويدل للثاني قوله تعالى: "كل له قانتون". ومعنى اللام التعليل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية