[قوله]: "قل ما أنفقتم من خير" يجوز في "ما" وجهان، أحدهما: أن تكون شرطية، وهو الظاهر لتوافق ما بعدها، فـ "ما" في محل نصب مفعول مقدم واجب التقديم، لأن له صدر الكلام. و "أنفقتم" في محل جزم بالشرط، و "من خير" تقدم إعرابه في قوله: "ما ننسخ من آية".
[ ص: 385 ] وقوله: "فللوالدين" جواب الشرط، وهذا الجار خبر لمبتدأ محذوف أي: فمصرفه للوالدين، فيتعلق بمحذوف: إما مفرد وإما جملة على حسب ما ذكر من الخلاف فيما مضى. وتكون الجملة في محل جزم بجواب الشرط. والثاني: أن تكون "ما" موصولة، و "أنفقتم" صلتها، والعائد محذوف لاستكمال الشروط، أي: الذي أنفقتموه. والفاء زائدة في الخبر الذي هو الجار والمجرور. قال في هذا الوجه: "ومن خير يكون حالا من العائد المحذوف". أبو البقاء
وهم إنما سألوا عن المنفق، فكيف أجيبوا ببيان المصرف للمنفق عليه؟ فيه أجوبة منها: أن في الآية حذفا وهو المنفق عليه فحذف، تقديره: ماذا ينفقون ولمن يعطونه، فجاء الجواب عنهما، فأجاب عن المنفق بقوله: "من خير" وعن المنفق عليه بقوله: "فللوالدين" وما بعده. ومنها: أن يكون "ماذا" سؤالا عن المصرف على حذف مضاف، تقديره: مصرف ماذا ينفقون؟ ومنها: أن يكون حذف من الأول ذكر المصرف ومن الثاني ذكر المنفق، وكلاهما مراد، وقد تقدم شيء من ذلك في قوله تعالى: "ومثل الذين كفروا كمثل". وقال قد تضمن قوله: الزمخشري: "ما أنفقتم من خير" بيان ما ينفقونه. وهو كل خير; وبني الكلام على ما هو أهم وهو بيان المصرف، لأن النفقة لا يعتد بها أن تقع موقعها. [قال]:
925 - إن الصنيعة لا تكون صنيعة حتى يصاب بها طريق المصنع"
[ ص: 386 ] وأما قوله: "وما تفعلوا" فـ "ما" شرطية فقط لظهور عملها الجزم بخلاف الأولى. وقرأ رضي الله عنه: "وما يفعلوا" بالياء على الغيبة، فيحتمل أن يكون من باب الالتفات من الخطاب، وأن يكون من الإضمار لدلالة السياق عليه، أي: وما يفعل الناس. علي