الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (174) قوله تعالى: من الكتاب : في محل نصب على الحال، وفي صاحبها وجهان، أحدهما: أنه العائد على الموصول، تقديره: أنزله الله حال كونه من الكتاب، فالعامل فيه "أنزل"، والثاني: أنه الموصول نفسه، فالعامل في الحال "يكتمون".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ويشترون به" الضمير في "به" يحتمل أن يعود على "ما" الموصولة، وأن يعود على الكتم المفهوم من قوله: "يكتمون" وأن يعود على الكتاب، أظهرها أولها، ويكون ذلك على حذف مضاف، أي: يشترون بكتم ما أنزل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 242 ] قوله: "إلا النار" استثناء مفرغ; لأن قبله عاملا يطلبه، وهذا من مجاز الكلام، جعل ما هو سبب للنار نارا كقولهم: "أكل فلان الدم" يريدون الدية التي بسببها الدم، قال:


                                                                                                                                                                                                                                      820 - فلو أن حيا يقبل المال فدية لسقنا إليه المال كالسيل مفعما     ولكن أبى قوم أصيب أخوهم
                                                                                                                                                                                                                                      رضا العار واختاروا على اللبن الدما



                                                                                                                                                                                                                                      وقال:


                                                                                                                                                                                                                                      821 - أكلت دما إن لم أرعك بضرة     بعيدة مهوى القرط طيبة النشر



                                                                                                                                                                                                                                      وقال:


                                                                                                                                                                                                                                      822 - يأكلن كل ليلة إكافا      . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      يريد: ثمن إكاف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "في بطونهم" يجوز فيه ثلاثة أوجه، أظهرها: أن يتعلق بقوله: "يأكلون" فهو ظرف له. قال أبو البقاء: "وفيه حذف مضاف أي طريق بطونهم، ولا حاجة إلى ما قاله من التقدير. والثاني: أن يتعلق بمحذوف على [ ص: 243 ] أنه حال من النار. قال أبو البقاء: "والأجود أن تكون الحال هنا مقدرة لأنها وقت الأكل ليست في بطونهم، وإنما تؤول إلى ذلك، والتقدير، ثابتة أو كائنة في بطونهم قال: "ويلزم من هذا تقديم الحال على حرف الاستثناء وهو ضعيف، إلا أن يجعل المفعول محذوفا، و "في بطونهم" حالا منه أو صفة له، أي: في بطونهم شيئا يعني فيكون "إلا النار" منصوبا على الاستثناء التام، لأنه مستثنى من ذلك المحذوف. إلا أنه قال بعد ذلك: "وهذا الكلام في المعنى على المجاز، وللإعراب حكم اللفظ". والثالث: أن يكون صفة أو حالا من مفعول "كلوا" محذوفا كما تقدم تقريره.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية