الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (159) قوله تعالى: ما أنزلنا : مفعول بيكتمون، و "أنزلنا" صلته وعائده محذوف، أي أنزلناه. و "من البينات" يجوز فيه ثلاثة أوجه، أظهرها: أنها حال من ما الموصولة فيتعلق بمحذوف أي: كائنا من البينات. الثاني: أن يتعلق بأنزلنا فيكون مفعولا به قاله أبو البقاء، وفيه نظر من حيث إنه إذا كان مفعولا به لم يتعد الفعل إلى ضمير، وإذا لم يتعد إلى ضمير الموصول بقي الموصول بلا عائد. الثالث: أن يكون حالا من الضمير العائد على الموصول، والعامل فيه "أنزلنا" لأنه عامل في صاحبها.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "من بعد ما بيناه" متعلق بيكتمون ولا يتعلق بأنزلنا لفساد المعنى، لأن الإنزال لم يكن بعد التبيين، وأما الكتمان فبعد التبيين. والضمير في بيناه يعود على "ما" الموصولة. وقرأ الجمهور "بيناه"، وقرأ طلحة بن مصرف "بينه" على ضمير الغائب وهو التفات من التكلم إلى الغيبة. و "الناس" متعلق بالفعل قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "في الكتاب" يحتمل وجهين، أحدهما: أنه متعلق بقوله: "بيناه". والثاني: أن يتعلق بمحذوف لأنه حال من الضمير المنصوب في "بيناه" أي: بيناه حال كونه مستقرا كائنا في الكتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "أولئك يلعنهم" يجوز في "أولئك" وجهان، أحدهما: أن يكون مبتدأ و "يلعنهم" خبره والجملة خبر "إن الذين" والثاني: أن يكون بدلا من [ ص: 194 ] "الذين" و "يلعنهم" الخبر لأن قوله: "ويلعنهم اللاعنون" يحتمل أن يكون معطوفا على ما قبله وهو "يلعنهم الله" وأن يكون مستأنفا. وأتى بصلة الذين فعلا مضارعا وكذلك بفعل اللعنة دلالة على التجدد والحدوث، وأن هذا يتجدد وقتا فوقتا، وكررت اللعنة تأكيدا في ذمهم. وفي قوله "يلعنهم الله" التفات إذ لو جرى على سنن الكلام لقال: نلعنهم لقوله: "أنزلنا" ولكن في إظهار هذا الاسم الشريف ما ليس في الضمير.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية