الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (119) قوله تعالى: بالحق : يجوز ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكون مفعولا به أي: بسبب إقامة الحق. الثاني: أن يكون حالا من المفعول في، "أرسلناك" أي: أرسلناك ملتبسا بالحق. الثالث: أن يكون حالا من الفاعل أي: ملتبسين في الحق، قوله: "بشيرا ونذيرا" يجوز فيه وجهان، أحدهما: أن يكون حالا من المفعول، وهو الظاهر. الثاني: أن يكون حالا من "الحق" لأنه يوصف أيضا بالبشارة والنذارة، وبشير ونذير على صيغة فعيل، أما بشير فتقول هو من بشر مخففا لأنه مسموع فيه، وفعيل مطرد من الثلاثي، وأما "نذير" فمن الرباعي ولا ينقاس عدل مفعل إلى فعيل، إلا أن له هنا محسنا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ولا تسأل" قرأ الجمهور: "تسأل" مبنيا للمفعول مع رفع الفعل على النفي. وقرئ شاذا: "تسأل" مبنيا للفاعل مرفوعا أيضا، وفي هذه [ ص: 93 ] الجملة وجهان: أحدهما: أنه حال فيكون معطوفا على الحال قبلها، كأنه قيل: بشيرا أو نذيرا وغير مسؤول. والثاني: أن تكون مستأنفة. وقرأ نافع: "تسأل" على النهي وهذا مستأنف فقط، ولا يجوز أن تكون حالا لأن الطلب لا يقع حالا. والجحيم: شدة توقد النار، ومنه قيل لعين الأسد: "جحمة" لشدة توقدها، يقال: جحمت النار تجحم، ويقال لشدة الحر: "جاحم" ، قال:


                                                                                                                                                                                                                                      704 - والحرب لا يبقى لجا حمها التخيل والمراح



                                                                                                                                                                                                                                      والرضا: ضد الغضب، وهو من ذوات الواو لقولهم: الرضوان، والمصدر: رضا ورضاء بالقصر والمد ورضوانا ورضوانا بكسر الفاء وضمها، وقد يتضمن معنى "عطف" فيتعدى بـ "على"، قال:


                                                                                                                                                                                                                                      705 - إذا رضيت علي بنو قشير      . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      والملة في الأصل: الطريقة، يقال: طريق ممل: أي: أثر فيه المشي ويعبر بها عن الشريعة تشبيها بالطريقة، وقيل: بل اشتقت من "أمللت" لأن الشريعة فيها من يملي ويملى عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية