الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (155) قوله تعالى: ولنبلونكم : هذا جواب قسم محذوف، ومتى كان جوابه مضارعا مثبتا مستقبلا وجب تلقيه باللام وإحدى النونين خلافا للكوفيين حيث يعاقبون بينهما، ولا يجيز البصريون ذلك إلا في ضرورة. وفتح الفعل المضارع لاتصاله بالنون وقد تقدم تحقيق ذلك وما فيه من الخلاف.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "بشيء" متعلق بقوله: "لنبلونك" والباء معناها الإلصاق، وقراءة الجمهور على إفراد "شيء" ومعناها الدلالة على التقليل، إذ لو جمعه لاحتمل أن يكون ضروبا من كل واحد. وقرأ الضحاك بن مزاحم "بأشياء" على الجمع، وقراءة الجمهور لا بد فيها من حذف تقديره: وبشيء من الجوع وبشيء من النقص، وأما قراءة الضحاك فلا تحتاج إلى هذا، وقوله "من الخوف" في محل جر صفة لشيء فيتعلق بمحذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ونقص" فيه وجهان، أحدهما: أن يكون معطوفا على "شيء" والمعنى: بشيء من الخوف وبنقص، والثاني: أن يكون معطوفا على الخوف، أي: وبشيء من نقص الأموال، والأول أولى لاشتراكهما في التنكير.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "من الأموال" فيه خمسة أوجه، أحدها: أن يكون متعلقا بنقص لأنه مصدر نقص، وهو يتعدى إلى واحد، وقد حذف، أي: ونقص شيء من [ ص: 186 ] كذا. الثاني: أن يكون في محل جر صفة لذلك المحذوف، فيتعلق بمحذوف، أي: ونقص شيء كائن من كذا. الثالث: أن يكون في محل نصب صفة لمفعول محذوف نصب بهذا المصدر المنون، والتقدير: ونقص شيئا كائنا من كذا، ذكره أبو البقاء، ويكون معنى "من" على هذين الوجهين التبعيض. الرابع: أن يكون في محل جر صفة لـ "نقص"، فيتعلق بمحذوف أيضا، أي: نقص كائن من كذا، وتكون "من" لابتداء الغاية. الخامس: أن تكون "من" زائدة عند الأخفش، وحينئذ لا تعلق لها بشيء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية