لكن من اسم الله رسما حطا واللات بالإلحاق فرقا خطا
لما قدم أن الألف المعانقة للام إذا حذفت لا بد من إلحاقها، وكان من جملة ما يدخل في ذلك لفظ الجلالة، وهو "الله" إذ هو مما حذفت منه الألف المعانقة للام، استدرك الكلام عليه هنا لكون حكمه مخالفا لما تقدم فقال: "لكن من اسم الله رسما حطا"، يعني أنومراده باسم الله لفظ: "الله" على أي وجه ورد سواء كان مجردا من الزوائد نحو: الله ربنا ، قال الله ، إلى الله ، أو اتصلت الزوائد بأوله نحو: بالله0 ، و: تالله أو بآخره نحو: "اللهم"; لأن لفظ الله موجود في الجميع، والزوائد لا عبرة بها، وقوله: "رسما" احترز به من اللفظ، وعبر به عن النقط تسامحا لهذا المقصد، وهو الاحتراز من اللفظ، وقوله: "حطا" في الشطر الأول بحاء مهملة بمعنى ترك وأسقط، والضمير المستتر فيه عائد على الألف المحذوف، وإنما لم يلحق الألف في لفظ الجلالة مع كونه متوسطا موجودا في اللفظ -والقاعدة فيما كان هكذا لزوم إلحاقه- لما أشار إليه في الشطر الثاني، وهو القصد إلى أن يفرق بينه وبين اللات الذي هو اسم صنم وهو المذكور في قوله تعالى: ألف اسم الله لا تلحق بل تحذف من الخط رأسا، وإنما تثبت لفظا خاصة. أفرأيتم اللات والعزى لا سيما على مذهب من يقف عليه بالهاء، ولو عكس [ ص: 309 ] لحصل الفرق أيضا لكن لما كان لفظ الجلالة كثير الدور ناسبه التخفيف بخلاف اللات؛ إذ لم يرد إلا في موضع واحد.
فإن قلت: الفرق بينهما موجود خطا بكون آخر اسم الجلالة هاء، وآخر اسم الصنم تاء، "فالجواب" أنهم قصدوا بذلك تقوية الفرق بينهما وتأكيده؛ فمهما أمكنهم فرق أتوا به زيادة في إبعاد كل من اللفظين من الآخر، ولذلك فرقوا بينهما في اللفظ أيضا بالتفخيم في لفظ الجلالة والترقيق في الآخر.
"واعلم" أن الذي عندهم هو ما ذكرناه من أن الذي قصد به الفرق، إنما هو ترك الإلحاق في لفظ الجلالة، وأما الإلحاق في اللات فقد جاء على الأصل، وظاهر كلام الناظم يقتضي العكس، وأن إلحاق اللات هو الذي قصد به الفرق، وليس كذلك، وقوله: "خطا" في الشطر الثاني بخاء معجمة بمعنى كتب، والضمير المستتر فيه عائد على "اللات" و: "فرقا" مفعول لأجله علة ل: "خطا"،