الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وحكمها لورشهم في النقل كحكمها في ألفات الوصل


      ففوقه أو تحته أو وسطا     في موضع الهمز الذي قد سقطا

      لما كانت الهمزة المنقولة حركتها تسقط في الوصل، وتثبت في الابتداء صارت كهمزة الوصل في جعل الجرة الدالة على السقوط، وفي تبعية محل الجرة لما قبلها، ولذلك شبه الناظم في البيت الأول كغيره حكم الجرة في النقل لورش بحكم الصلة في ألفات الوصل، فالهمزة إذا نقلت حركتها إلى ما قبلها بالشروط المعلومة تسقط من اللفظ، وتجعل جرة كجرة ألف الوصل في محلها دالة على السقوط، ويكون محل [ ص: 297 ] تلك الجرة تابعا لما قبلها، والمعتبر فيما قبلها ما كان منطوقا به، فإن نطق به مفتوحا وضعت الجرة فوق الألف نحو: قد أفلح ، و: الم أحسب الناس وفي كبد أيحسب ، وإن نطق به مكسورا وضعت تحت الألف نحو: من إملاق ، وجمعا: إن الإنسان و: رافعة إذا وإن نطق به مضموما وضعت وسط الألف نحو: قل أوحي و: لأي يوم أجلت ، وسواء كان الحرف المنطوق به قبلها موجودا في الخط أم لا كما تقدم في التمثيل، وإلى تفصيل تبعية جرة النقل إلى ما قبلها أشار في البيت الثاني بقوله: "ففوقه" أي: الألف يعني إن نطق قبله بفتح، أو تحته أي: الألف يعني إن نطق قبله بكسر، أو وسطا يعني إن نطق قبله بضم فأوفى كلامه للتفصيل لا للتخيير، ولرفع توهم أنها للتخيير أتى بقوله: "في موضع الهمز الذي قد سقطا"، وما ذكره الناظم وغيره من الأئمة من أن الجرة الدالة على السقوط هي التي تجعل في موضع الهمزة مفتوحة كانت أو مضمومة أو مكسورة هو المعول عليه، والمعمول به خلافا لمن قال: تجعل في موضع المفتوحة فتحة، وفي موضع المضمومة ضمة، وفي موضع المكسورة كسرة.

      "واعلم" أن ما تقدم من وضع الجرة فوق الألف أو تحتها أو في وسطها محله إذا كانت الهمزة منفصلة عن الساكن كما في الأمثلة المتقدمة، وأما إذا كانت الهمزة متصلة به، وذلك في: ردءا ، ولام التعريف نحو: عادا الأولى ، و: الأرض0 ، و: الآزفة ، فلا توضع الجرة أصلا كما ذكره بعض علماء الفن، وبه جرى العمل.

      "تنبيهان":

      الأول: تكلم الناظم على محل جرة النقل، وسكت عن شكل الهمزة أين يوضع، والذي عندهم وبه جرى العمل أن يوضع على الساكن الذي نقل إليه، فيصير محركا بحركة الهمزة كما قدمناه في باب الهمز، وهذا إذا كان الساكن المنقول إليه غير تنوين، وأما إذا كان تنوينا نحو: فك رقبة أو إطعام ، فوسطن به جمعا إن الإنسان ، رافعة إذا رجت ، لأي يوم أجلت ، فلا يوضع الشكل المنقول من الهمز أصلا; لأن التنوين لما ذهب من الخط صحبته حركة النقل التي حرك بها، فاكتفي عن الجميع بوضع حركة مجانسة لحركة الحرف الذي قبله كما اكتفى بوضعهما [ ص: 298 ] في حال سكونه لذهابه مع سكونه من الخط، ومما يقرب من ذلك: الم أحسب الناس ، فإن أكثر المتأخرين على أن الميم الساكنة التي هي الميم الثانية، هي المحذوفة من الخط، ولما حذفت منه صحبتها حركة النقل، ولهذا لا توضع على الميم المرسومة حركة النقل على ما جرى به العمل، وإنما توضع كسرتها تحتها.

      الثاني: تشبيبهم جرة النقل بصلة ألف الوصل يقتضي اتصالها بالألف كما في ألف الوصل، وهو الجاري على القول باتصال الهمزة بصورتها الذي اختاره الداني، وقد قدمناه في باب الهمز، واختار جماعة من المتأخرين فصل جرة النقل عن الألف ليحصل الفرق بينها، وبين صلة ألف الوصل، وهذا الاختيار جار على القول بفصل الهمزة عن صورتها الذي قدمناه عن الداني في باب الهمز أيضا، وقول الناظم: "أو وسطا" صريح في الاتصال; لأنه لا يقال في الوسط إلا لما كان متصلا بصورته، والعمل عندنا على الاتصال، وما احتج به من اختار الانفصال من طلب الفرق بين جرة النقل، وصلة الوصل مستغنى عنه; لأن الفرق بينهما حاصل بوجود نقطة الابتداء في ألف الوصل، وانعدامها في النقل.

      والضمير في قوله: "وحكمها" الأول عائد على الجرة، وفي "حكمها" الثاني عائد على صلة، والضمير المضاف إليه " ورش " عائد على القراء،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية