الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وما أتى تنبيها أو نداء كقوله هاتين يا نساء

      أخبر عن جميع شيوخ النقل بحذف ألف كل لفظ دال على تنبيه، أو نداء ثم مثل [ ص: 85 ] للأول ب: "هاتين"، وللثاني ب: "يا نساء".

      وأما "هاتين" ففي "القصص": إحدى ابنتي هاتين ومثله: "هذا"، و: "هذه" و: "هذان"، و: "هؤلاء"، و: "هكذا"، وذلك أن أصل هذه الكلم "تين" و: "ذا"، و: "ذه"، و: "ذان"، و: "أولاء" وكذا، ثم لما اتصلت بها "ها" الدالة على التنبيه، وهي حرف ثنائي حذفوا ثانيها، وهو الألف من الرسم اختصارا.

      واعلم: أنه يشترط في حذف ألف "ها" التنبيه كما يؤخذ من تمثيل الناظم أن لا تكون طرفا، فإن كانت طرفا نحو: "يا أيها" فلا تحذف، إلا ما سيذكره بعد في قوله: "وآية الزخرف" البيت.

      وأما "يا نساء" ففي الأحزاب: يا نساء النبي في موضعين، ومثله: يا أيها الناس اعبدوا ربكم ، و: "يا آدم" و: "يبنئوم"، وذلك أن أصلها "نساء"، و: "أيها" و: "آدم"، و: "ابنئوم"، ثم لما اتصلت بها "يا" الدالة على النداء، وهي حرف ثنائي حذفوا ثانيها، وهو الألف من الرسم اختصارا أيضا، والقسمان متعددان.

      تنبيه: "هأنتم" يحتمل أن يكون مركبا من: "ها" التنبيه، و: "أنتم"، ولكن طرأ من التغيير فيه تسهيل همزته بين بين عند قالون، وإبدالها ألفا عند ورش في إحدى الروايتين عنه، فاجتمعت مع ألف "ها"، فحذفت أولاهما لاجتماع الساكنين.

      وأما على الرواية الأخرى عنه بهاء فهمزة مسهلة بين بين دون ألف بينهما، فالألف من "ها" محذوفة أيضا، لكن على لغة قليلة فيها، وعلى هذا الاحتمال يكون "ها أنتم"، من هذا الفصل، وتكون ألف ها التنبيه فيه محذوفة لقالون خطا وثابتة لفظا، ومحذوفة في كلتا الروايتين عن ورش لفظا وخطا كألف يا النداء من "يبنؤم"، ويحتمل أنه مركب من همزة الاستفهام، و: "أنتم"، فخففت الهمزة الأولى بإبدالها: "ها"، وسهلت الثانية عند قالون بين بين، وأدخل بينهما ألفا على قياس الهمزتين المفتوحتين من كلمة عنده، وكذا سهلت الثانية دون إدخال في إحدى الروايتين عن ورش، وأبدلت ألفا في الرواية الأخرى عنه على قياس الهمزتين المفتوحتين من كلمة عنده، وعلى هذا الاحتمال لا يكون: "هأنتم" من هذا الفصل ولا حذف فيه أصلا.

      و: "ما" في قول الناظم، " وما أتى" موصول في محل رفع مبتدأ بتقدير مضاف؛ أي: وألف ما أتى، و: "أتى" صلته، والخبر محذوف تقديره كذلك، أي: في الحذف عن جميع الشيوخ.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية