الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      دليل الحيران على مورد الظمآن

      المارغني - إبراهيم بن أحمد المارغني

      ثم قال:


      والياء في سبع فمنهن سجى زكى وفي الضحى جميعا كيف جا


      وفي القوى جاء وفي دحيها     وفي تليها ثم في طحيها


      ولم يجئ لفظ القوى في مقنع     ومن عقيلة وتنزيل وعي

      قد علمت أن الأصل في الألف المنقلب عن الواو أن يكتب ألفا، ولم يتعرض له الناظم صريحا، ولكن تعرض لما خرج منه عن الأصل، فأخبر في البيتين الأولين مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الياء رسمت عوضا عن الألف المنقلب عن الواو في سبع كلمات، وهي في ترتيب الناظم: سجى و: "زكى" و: والضحى جميعا كيف جاء، و: القوى و: "دحيها" و: "تليها" و: "طحيها". وهذه السبع منها كلمتان من نوع الاسم وهما: الضحى و: القوى ، والباقي من نوع الفعل.

      أما "سجى" ففي سورة "والضحى" وأما "زكى" ففي "النور": "ما زكى منكم من أحد أبدا".

      وأما "الضحى" جميعا، أي: في جميع القرآن كيف جاء، أي: على أي حال من تعريف بأل، أو بالإضافة أو تنكير؛ ففي ستة مواضع وهي: والضحى والليل و: "أخرج ضحيها" و: "إلا عشية أو ضحيها" كلاهما في سورة "والنازعات"، "والشمس وضحيها" في سورة "الشمس"، و: ضحى وهم يلعبون . في "الأعراف"، وأن يحشر الناس ضحى في "طه".

      وأما "القوى" ففي "والنجم": شديد القوى .

      وأما "دحيها" ففي "والنازعات": "والأرض بعد ذلك دحيها".

      وأما "تليها"، و: "طحيها" ففي سورة "والشمس".

      ثم أخبر في البيت الثالث بأن لفظ "القوى" لم يجئ في المقنع، [ ص: 214 ] أي: لم يذكره أبو عمرو في المقنع بل سكت عنه، وقد ذكره الشاطبي في العقيلة، وأبو داود في "التنزيل" كما أشار إليه بقوله و: "من عقيلة وتنزيل وعي". أي: حفظ لفظ: "القوى" منهما وحدهما; لأنه إنما ذكر فيهما دون "المقنع"، والعمل على رسمه بالياء كبقية الكلمات السبع.

      ثم قال:


      وألحق العلى بهذا الفصل     لكتبه باليا خلاف الأصل

      لما ذكر تبعا لشيوخ النقل ما خرج من ذوات الواو عن أصله الذي هو الكتب بالألف، فرسم بالياء استدرك عليهم لفظ: "العلى" في قوله تعالى: "تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى" في أول "طه"، فأمر بأن يلحق بهذا الفصل لكتبه في المصاحف بالياء على خلاف الأصل، والأصل أن يكتب بالألف; لأنه اسم ثلاثي مأخوذ من العلو فألفه منقلبة عن واو كالكلمات السبع المتقدمة، فيضم إليها حتى تصير كلمات الفصل: "ثمانية"، وإنما رسمت الكلمات الثمانية بالياء على خلاف الأصل تنبيها على جواز إمالتها.

      وقوله: "خلاف الأصل" منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف معمول لكتبه، أي: كتبا خلاف الأصل، أي: مخالفا للأصل.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية