الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وهاك حكم الهمز في المرسوم وضبطه بالسائر المعلوم

      أي: خذ حكم الهمز في المرسوم، أي: المكتوب في المصاحف وقوله: و: "ضبطه" بالنصب عطف على "حكم"، أي: وخذ ضبط الهمز أي: حصره بالوجه السائر، أي: الشائع المعلوم عند علماء الفن، وهو ما ذكروه فيه من القواعد والضوابط الرسمية.

      والهمز لغة: مصدر بمعنى الضغط والدفع، ويستعمل مصدرا أيضا بمعنى النطق بالهمزة فيقال: همزت الكلمة إذا نطقت فيها بهمزة؛ سمي الحرف المعلوم همزا وهمزة; لأنه يحتاج في إخراجه من أقصى الحلق إلى ضغط الصوت ودفعه لثقله، والنبر مرادف عند سيبويه والجمهور للهمز، وقال الخليل وجماعة: إن النبر اسم للهمز المخفف، والصحيح أن الهمزة حرف خلافا للمبرد في قوله: "إنها ليست حرفا، وإنما هي من قبيل الضبط والشكل".

      ولما كانت الهمزة ثقيلة توسعت العرب في تخفيفها، واستغنوا به عن إدغامها إلا ما شذ من نحو: "سأل"، و: "اقرأ آية" فلذا لم يرسموا لها صورة بل استعاروا لها شكل ما تئول في تخفيفها إليه تنبيها على توسعهم فيها.

      وأما الصورة التي تجعل لها: "كعين". صغرى أو نقطة صفراء، أو حمراء فلم تكن في المصاحف العثمانية بل هي محدثة للإيضاح، والأصل [ ص: 155 ] في الهمز التحقيق ويقابله التخفيف، وهو لغة أهل الحجاز وأنواعه ثلاثة:أحدها: التسهيل بين بين؛ أي جعل الهمز حرفا مخرجه بين مخرج المحققة، ومخرج حرف المد المجانس لحركة الهمزة أو حركة الحرف الذي قبلها، وهذا النوع هو الأصل في الهمزة المتحركة، المتحرك ما قبلها، والهمزة المسهلة بين بين محركة عند البصريين وساكنة عند الكوفيين، ولكل دليل محله غير هذا.

      ثانيها: الإبدال وهو الأصل في الهمزة الساكنة.

      ثالثها: الحذف ولم يأت إلا في المتحركة وينقسم إلى قسمين:

      - حذف للهمزة مع حركتها ويعبر عنه بالإسقاط.

      - وحذف لها بعد نقل حركتها ويعبر عنه بالنقل، وهي مراده في القسمين إلا أنها في القسم الأول لم يدل عليها، وفي القسم الثاني دل عليها بحركتها المنقولة، واعلم أن الأصل أن تكتب الهمزة بصورة الحرف الذي تئول إليه في التخفيف، أو تقرب منه ما لم تكن أولا فتكتب حينئذ ألفا، وقد نظم ذلك ابن معطي في بيت فقال:

      وكتبوا الهمز على التخفيف     وأولا بالألف المعروف

      فإن كانت الهمزة تخفف ألفا، أو كالألف فقياسها أن تكتب ألفا، وإن كانت تخفف ياء، أو كالياء فقياسها أن تكتب ياء، وإن كانت تخفف واوا أو كالواو فقياسها أن تكتب واوا، وإن كانت تخفف بالحذف بنقل أو غيره فتحذف ما لم تكن أولا فتكتب حينئذ ألفا سواء اتصل بها حرف زائد نحو: "سأصرف". أو لا نحو: "أنعمت" إشعارا بحالة الابتداء، هذا هو القياس في العربية وخط المصاحف وجاءت أخر في المصاحف خارجة عن القياس لمعنى مقصود ووجه مستقيم يعلمه من قدر للسلف الصالح قدرهم، وعرف لهم حقهم رضي الله عنهم.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية