الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      ورجحنه قبل ما تحركت لغير يلحقها لو أدغمت


      لدى وليي وحي يحييا     لدى القيامة وفي لتحييا


      وجاء في يحيي إطلاق لدى     عقيلة ولابن حرب وردا

      لما ذكر القسم الأول من قسمي الياءين المتطرفتين وهو ما سكن فيه ثاني الياءين انتقل إلى القسم الثاني منهما، وهو ما تحرك فيه ثاني الياءين، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بترجيح الحذف للياء الأولى قبل الياء الثانية المتحركة يعني على حذف الثانية المتحركة وإثبات الأولى؛ وذلك في أربع كلمات:- الكلمة الأولى: "وليي" من قوله تعالى: إن وليي الله الذي نزل الكتاب في "الأعراف"، وأصل هذه الكلمة بثلاث ياءات؛ الأولى ساكنة، والثانية مكسورة، والثالثة مفتوحة؛ فكتبوها بياء واحدة معرفة.

      - الكلمة الثانية: "حيي" من قوله تعالى: "ويحيا من حيي عن بينة". في الأنفال.

      - الكلمة الثالثة: "يحيي" من قوله تعالى: أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى . في سورة "القيامة"، وقيده بالسورة احتزازا عن الواقع في غيرها وهو في الأحقاف: بقادر على أن يحيي الموتى . فإن الشيخين سكتا عنه.

      - الكلمة الرابعة: "لنحيي" من قوله تعالى: لنحيي به بلدة ميتا . في الفرقان.

      ثم أخبر في البيت الثالث بأنه جاء عن الشاطبي في العقيلة إطلاق الحذف في: "يحيي" فعم الواقع في سورة "القيامة"، والواقع في "الأحقاف"، وأنه ورد الإطلاق أيضا لأبي العباس بن حرب في تأليفه الموضوع في الرسم، والعمل عندنا على الوجه المرجح الذي هو حذف الياء الأولى في الألفاظ الأربعة، وعلى إطلاق الحذف للياء الأولى من: "يحيي"، وقول الناظم: "لغير يلحقها لو أدغمت"، علة لترجيح حذف الياء الأولى في هذا القسم، فاللام في لغير للتعليل، و: "غير" بكسر الغين، وفتح الياء كعنب اسم بمعنى التغير؛ أي: إنما كان حذف الياء الأولى في هذا القسم مرجحا على حذف الياء الثانية لأجل التغير الذي يلحقها لو أدغمت؛ أي: على تقدير إدغامها في الياء الثانية فهي عرضة لأن تدغم في الثانية، فتكون أولى بالحذف رسما لأجل التغير الذي [ ص: 149 ] يلحقها لفظا بالإدغام على قاعدة المثلين.

      أما الإدغام في: "وليي الله". فإنما يكون بعد حذف الياء الأولى الساكنة ثم تسكين الياء الثانية، وقد روي عن بعض القراء: "ولي". بياء واحدة مفتوحة مشددة.

      وأما الإدغام في: "حيي"، فإنما يكون بعد تسكين الياء الأولى، وقد قرأ غير نافع والبزي وشعبة من السبعة: "حي" بياء مشددة مفتوحة.

      وأما الإدغام في: "يحيي". و: "لنحيي"، فإنما يكون بعد نقل حركة الياء الأولى إلى الحاء، وقد أجازه بعض النحاة، ولم ترد به قراءة، وقوله: "لدى" في أولى شطري البيت الثاني بمعنى "في" وأتى ب: "حي" مدغما على قراءة الإدغام.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية