الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      فصل فمال هؤلاء فاقطعا مال الذين مال هذا الأربعا


      وحيثما ثم بطول يوم هم     والذاريات وكذا قال ابن أم

      هذا هو الفصل الرابع من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه أربعة أنواع من المقطوع وهي "مال"، و: "حيثما" و: "يوم هم"، و: "ابن أم"، وقدم منها "مال"، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بقطع لام الجر من المجرور بعدها في أربعة مواضع وهي:- فمال هؤلاء في "النساء".

      - و: فمال الذين كفروا في "المعارج".

      - و: مال هذا الكتاب في "الكهف".

      - و: مال هذا الرسول في "الفرقان".

      ثم أمر بقطع كلمة: "حيث"، من كلمة: "ما" وذلك في موضعين في "البقرة" وهما:

      - "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين"

      - "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا" ثم أمر بقطع كلمة "يوم" من ضمير "هم" في موضع الطول، أي: سورة "غافر"، وهو: يوم هم بارزون ، وفي الموضع الأول في "الذاريات": وهو: يوم هم على النار يفتنون ، وعلم أن مراده الموضع الأول فيها من إتيانه ب: "يوم هم" مفتوح الميم ومضموم الهاء ليخرج الموضوع الثاني فيها وهو: من يومهم الذي يوعدون ، فإنه مكسور الميم والهاء، وهو موصول.

      ثم أخبر [ ص: 225 ] بقطع كلمة: "ابن" من كلمة "أم" في موضع "الأعراف"، وهو: قال ابن أم إن القوم استضعفوني ، واحترز بقيد مجاورة "قال": عن الواقع في "طه"، وهو: "قال يا بنؤم"; لأنه غير مجاور "لقال" لفصله عنه بحرف النداء وهو "يا".

      وسيأتي وصل هذا المحترز عنه، وقد صرح الشيخان في هذه الكلمات بما أفاده كلام الناظم.

      "واعلم" أن قطع لام الجر في: مال هؤلاء ونظائره وإن جاء على الأصل الأول لكنه مخالف للأصل الثاني، وذلك; لأن الأصل الأول في جميع الكلمات هو القطع، إلا أنه قد يعرض لبعض الكلمات ما يصير به الوصل أصلا ثانيا فيه ككون الكلمة لا تستقل بنفسها كاللام والباء والكاف التي هي من حروف المعنى، فرسم كتاب المصاحف لام الجر في المواضع الأربعة على الأصل الأول؛ وهو القطع، ورسموا سائر ما يماثلها من المواضع التي فيها لام الجر على الأصل الثاني، وهو الوصل تنبيها على جواز الوجهين عندهم، واستعمال الأمرين في عصرهم.

      وأما "حيث ما"، و: "يوم هم"، و: "ابن أم"، فجاء كل منها على الأصل الأول وهو القطع، وإنما خصوا "يوم هم" في الموضعين بالقطع; لأن لفظ "هم" فيهما ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ خبره ما بعده، "ويوم" مضاف إلى الجملة فلذا فصل من "هم" بخلاف غير هذين الموضعين كقوله تعالى: من يومهم الذي يوعدون ، فإن "هم" فيه ضمير متصل مخفوض بإضافة "يوم" إليه، فصارا كالكلمة الواحدة فوصلا، والألف في قوله "فاقطعا"، مبدلة من نون التوكيد الخفيفة، وألف أربعا للإطلاق، والباء في قوله: "بطول" بمعنى في.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية