الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      إلا حروفا خرجت عن حكمها فصورت بألف في رسمها


      وهي تنوأ مع حرف السوأى     أن كذبوا ومثلها تبوأ


      والنشأة الثلاث أيضا واختلف     في رسم يسألون عن عن السلف


      وموئلا باليا      ...............

      لما قدم أن الهمزة الواقعة بعد ساكن غير ألف متوسط لا تجعل لها صورة، استثنى من ذلك مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل ست كلمات خرجت عن ذلك الحكم الذي هو عدم التصوير، فصورت الهمزة في بعضها ألفا، وفي بعضها ياء، وذلك من جنس حركة نفسها:

      - الكلمة الأولى: "لتنوأ"، من قوله تعالى: "لتنوأ بالعصبة". في "القصص" صورت همزتها ألفا ولم تصور واوا مع أنها مضمومة كراهة اجتماع مثلين.

      - الكلمة الثانية: "السوأى"، من قوله تعالى: "ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا". في "الروم" صورت همزتها ألفا أيضا واحترز بقيد المجاور وهو: "أن كذبوا". عن الخالي عنه نحو: إن الخزي اليوم والسوء [ ص: 161 ] فإنه لم تصور فيه الهمزة على القاعدة المتقدمة، وإنما احترز عنه وذلك لوقوع: "السوأى" في محل يحتمل أن تكون الألف فيه للإطلاق، وأن تكون للتأنيث.

      - الكلمة الثالثة: "تبوأ"، من قوله تعالى: "إني أريد أن تبوأ". في العقود صورت همزتها ألفا أيضا.

      - الكلمة الرابعة: "النشأة" في ثلاثة مواضع وهي: ثم الله ينشئ النشأة الآخرة . في "العنكبوت": وأن عليه النشأة الأخرى . في "النجم": ولقد علمتم النشأة الأولى . في "الواقعة"، صورت همزتها في المواضع الثلاثة ألفا أيضا، وإلى هذه المواضع الثلاثة أشار بقوله: و: "النشأة الثلاث"، أي: وكلمات النشأة الثلاث، وقد قرأ جميعها المكي والبصري بفتح الشين وألف بعدها وبعد الألف همزة مفتوحة.

      - الكلمة الخامسة: "يسألون". من قوله تعالى: يسألون عن أنبائكم . في "الأحزاب"، رسمت في بعض المصاحف بدون صورة للهمزة لسكون السين قبلها وفي بعضها بألف بين السين واللام، وإلى الخلاف في رسمها أشار الناظم بقوله:

      "واختلف في رسم يسألونك عن السلف"، أي: كتاب المصاحف وعن الأولى من القرآن وعن الثانية من كلام الناظم، والعمل عندنا على رسم: "يسألون" المذكور بدون صورة للهمزة، واحترز بقيد عن من الخالي عنها؛ فإنه لا خلاف في عدم تصوير همزته نحو: يسألون أيان يوم الدين . ونحو: يسألونك عن الساعة .

      - الكلمة السادسة: "موئلا". من قوله تعالى: لن يجدوا من دونه موئلا . صورت همزتها ياء كما أشار إليه بقوله: "وموئلا باليا".

      "تنبيه": الصحيح أن: "سيئت" في سورة "الملك" يكتب بياء واحدة، لا بياءين كما نص عليه في "التنزيل"، والمشهوران: "شطئه" يكتب بغير ألف بعد الطاء كما نص عليه بعض العلماء، وبذلك جرى العمل في اللفظين، وقول الناظم "حروفا" منصوب على الاستثناء، وفاعل خرجت ضمير يعود على الحروف والمراد بها الكلمات، وضمير "حكمها" و: "صورت" يعود على الهمزة، وضمير: "رسمها"، يعود على "الحروف"، وقوله: "موئلا" عطف على ضمير "صورت"، وبالياء عطف على ألف؛ والتقدير: إلا كلمات خرجت عن حكم الهمزة المذكورة، فصورت همزة بعضها بالألف، وهمزة موئلا بالياء.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية