الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:

      [ ص: 168 ]

      جزاؤا الأولان في العقود وسورة الشورى من المعهود


      ومثلها لابن نجاح ذكرا     في الحشر والداني خلافا أثرا


      وعنهما أيضا خلاف مشتهر     في سورة الكهف وطه والزمر

      ذكر في هذه الأبيات الثلاثة تفاصيل كلمات: "جزاؤا"; لأنها لم ترد كلها على وجه واحد عند شيوخ النقل بل على أربعة أوجه، خارج عن القياس عند جميع الشيوخ، وخارج عنه من غير خلاف لأبي داود، ومع خلاف لأبي عمرو الداني، وخارج عنه مع خلاف للشيخين، ووارد على القياس عن الجميع، هذا حصرها على حسب ترتيب الناظم.

      أما الخارج عن القياس عند الجميع، فهو ما أشار إليه بالبيت الأول وهو ثلاثة ألفاظ: لفظا: "جزاؤا". الأولان في "العقود" وهما: وذلك جزاء الظالمين ، إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ، واحترز بالأولين في "العقود"، عن الثالث والرابع فيها وهما: وذلك جزاء المحسنين ، فجزاء مثل ما قتل من النعم . لحذف صورة همزتهما على القياس، واللفظ الثالث في "الشورى"، وهو: وجزاء سيئة سيئة مثلها .

      وأما الخارج عن القياس من غير خلاف لأبي داود، ومع خلاف لأبي عمرو فهو ما أشار إليه بالبيت الثاني، وهو واحد في "الحشر": وذلك جزاء الظالمين .

      وأما الخارج عن القياس مع خلاف للشيخين، فهو ما أشار إليه بالبيت الثالث وهو ثلاثة في "الكهف": فله جزاء الحسنى .

      - وفي "طه": وذلك جزاء من تزكى .

      - وفي "الزمر": ذلك جزاء المحسنين ليكفر الله عنهم .

      وأما الوارد على القياس عند الجميع فهو المسكوت عنه من بقية مواضع كلمات: "جزاء"، كموضعي "العقود" الأخيرين وقد تقدما، ويفهم ذلك من سكوته عنها لبقائها على القاعدة المتقدمة في فصل وما بعد سكون حذف، والعمل عندنا على تصوير الهمزة واوا بعدها ألف في لفظي: "جزاؤا" الأولين في "العقود"، وفي: "جزاؤا" الذي في "الشورى" وفي: "جزاؤا"، الذي في "الحشر"، وفي "جزاؤا" الذي في "الزمر"، وعلى حذف صورة الهمزة فيما عدا ذلك من كلمات: "جزاء". الذي همزته متطرفة.

      وأما "جزاء"، يوسف فإن همزته متوسطة وقد تقدم، وقوله: [ ص: 169 ] "من المعهود"، أي: من المعروف بواو بعدها ألف، والضمير في قوله: "ذكر"، يعود على "جزاء" وقوله: "أثر"، كنصر مبني للفاعل ومعناه روى، و: "خلافا" مفعوله مقدم عليه.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية