الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      مع الصواعق استطاعوا الألباب ثم الشياطين ديار أبواب


      إلا الذي مع خلال قد ألف     فرسمه قد استحب بالألف

      أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "الصواعق، واستطاعوا، والألباب، والشياطين، وديار، وأبواب" أما الصواعق ففي البقرة: يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق وفي الرعد: ويرسل الصواعق ، وأما: "استطاعوا" ففي البقرة: حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ، وهو متعدد فيما بعدها، وأما الألباب ففي البقرة: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ، وهو متعدد فيها وفيما بعدها.

      وأما الشياطين ففي البقرة: واتبعوا ما تتلو الشياطين وإذا خلوا إلى شياطينهم وفي الأنعام: شياطين الإنس والجن ، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل.

      وأما ديار ففي البقرة: ولا تخرجون أنفسكم من دياركم وهو متعدد فيها وفيما بعدها مضافا، وأما غير المضاف فواحد مقترن بأل، وهذا الذي استثناه الناظم في البيت الثاني تبعا لأبي داود.

      وأما أبواب ففي البقرة: وأتوا البيوت من أبوابها ، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع نحو: مفتحة لهم الأبواب ، ولبيوتهم أبوابا وسررا .

      وقوله: إلا الذي مع خلال... البيت هو استثناء من قوله: ديار، وفصل بين المستثنى والمستثنى منه بأبواب لظهور أن المختص بمجاورة خلال هو الديار، والمعنى: أن أبا داود ذكر حذف ألف ديار حيث وقع إلا الديار الذي ألف، أي: عهد مع خلال قوله تعالى: فجاسوا خلال الديار بسبحان؛ فإنه جوز فيه إثبات الألف وحذفها، واستحب فيه من محض اختياره [ ص: 54 ] الإثبات، وليس له فيه عن المصاحف شيء.

      والعمل عندنا على الحذف في هذه الألفاظ المذكورة في البيتين حيث وقعت في القرآن إلا الديار من: فجاسوا خلال الديار فألفه ثابتة.

      وقوله: مع الصواعق... إلخ البيتين مرتبط بقوله قبل: وعن أبي داود حيثما بدت، أي: وحذفت الصاعقة عن أبي داود مع الصواعق إلخ.

      وقوله: فرسمه بالنصب مفعول مقدم لاستحب، وفاعل استحب ضمير مستتر يعود على أبي داود.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية