الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      فأول بألف يصور وما يزاد قبل لا يعتبر


      نحو بأن وسألقي وفإن      .............................

      الهمزة تقع أول الكلمة ووسطها وطرفها، وقد ابتدأ الناظم بالكلام على المبتدأة، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة الواقعة في أول الكلمة تصور ألفا سواء تحركت بالكسر، أم بالفتح أم بالضم، وإن ما يزاد قبل [ ص: 156 ] الهمز على بنية الكلمة كالباء والسين والفاء لا يعتبر، أي: لا يعد من نفس الكلمة حتى تصير الهمزة به متوسطة بل تبقى على حكم الابتداء، فتصور ألفا سواء تحركت أيضا بالكسر أم بالفتح، أم بالضم فمثال الهمزة المبتدأة مفتوحة، ومضمومة ومكسورة: "أنعمت"، و: "أولئك"، و: "إياك". ومثال الهمزة التي قبلها مزيد مفتوحة، ومضمومة ومكسورة ما أشار إليه الناظم بقوله: نحو بأن، و: "سألقي"، و: "فإن".

      واعلم أنه يندرج في عموم الهمزة المبتدأة همزة الوصل نحو: الحمد لله ، اهدنا الصراط ، اعبدوا ربكم . فتصور ألفا.

      ومما يندرج في قول الناظم: "وما يزاد قبل لا يعتبر": "كأن"، و: "كأين" بناء على زيادة الكاف على كلمتي: "أن" و: "أي". وهو مذهب القراء خلافا للنحاة في جعلها بالتركيب جزءا من الكلمة، وقد مثل الشيخان بهما معا للمبتدأة التي اتصل بها حرف دخيل، ومما يندرج فيه أيضا نحو: "الأرض"، و: "الأحاديث"، و: "الآخرة"، من كل كلمة لم تنزل "أل" منزلة الجزء منها، فإن نزلت "أل" منزلة الجزء من الكلمة التي في "أولها" همزة كانت الهمزة في حكم المتوسطة لا المبتدأة؛ وذلك في: "الآن"، فإنه لما لزمته "أل" نزلت منه منزلة الجزء، فلا يندرج في قول الناظم وما يزاد قبل لا يعتبر كما لا يندرج فيه، أيضا حرف المضارعة وميم اسم الفاعل واسم المفعول، وهمزة الوصل نحو: "تؤزهم" و: "يؤتي"، و: "نأخذ". و: "مؤمن"، و: "مأتيا"، ونحو: "ايتوا". و: "فأذن"، لحلول الفاء حلول همزة الوصل؛ فإن الهمزة في الجميع حكمها حكم المتوسطة; لأن الأحرف المتقدمة عليها، وإن كانت زائدة لكن يخل إسقاطها ببنية الكلمة، فقول الناظم: و: "ما يزاد قبل لا يعتبر" يعني مما لا ينزل منزلة الجزء من الكلمة، ومما لا يخل إسقاطه ببنية الكلمة سواء استقل "كيوم" و: "حين" من "يومئذ"، و: "حينئذ"، الآتيين ما لم يستقل كما في الأمثلة المتقدمة.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية