الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      فصلة للحركات تتبع ففوقه من بعد فتح توضع


      وتحته إن كسرة ووسطه     إن ضمة كذا أتت مرتبطه

      [ ص: 293 ] أراد أن يبين هنا موضع الصلة التي هي الجرة، فأخبر أن الصلة تتبع الحركات يعني أنها تكون تابعة في الخط لحركة ما قبل ألف الوصل في اللفظ، فإذا نطق بما قبل ألف الوصل مفتوحا وضعت الصلة فوق الألف نحو: وقال الله ، وإن نطق بما قبله مكسورا وضعت الصلة تحت الألف نحو: وباليوم الآخر ، وإن نطق بما قبله مضموما، وضعت الصلة في وسط الألف نحو: الملك القدوس ، وسواء كانت تلك الحركات لازمة كالأمثلة المتقدمة أم عارضة نحو: من الله ، قالت امرأت العزيز ، قل انظروا ، فعلم من هذا أن موضع الصلة يدل على حركة ما قبلها، وقد قدمنا أن الصلة تدل على سقوط ألف الوصل، فتكون الصلة دالة على أمرين: وجودها يدل على سقوط ألف الوصل، وموضعها يدل على حركة ما قبلها.

      "واعلم" أن المراعى هو حركة الحرف الملفوظ به قبل ألف الوصل، كما ذكرنا ولا عبرة بالحرف الموجود في الخط الساقط في اللفظ وصلا نحو: "يأيها الناس"، و: قالوا الحق ، و: في الله ، ولا فرق في الحرف الملفوظ به قبل ألف الوصل بين أن تكون له صورة في الخط نحو ما تقدم وبين أن لا تكون له صورة في الخط نحو: الم0 ، آلله ، نفورا0 ، استكبارا ، محظورا ، 15 انظر ، وقوله: "كذا أتت مرتبطه" معناه أن هذه الصلة جاءت هكذا مرتبطة بحركة ما قبل ألف الوصل على ما ذكرناه، وكأنه قصد بهذا التنبيه على قول المشارقة إن الصلة لا ترتبط بحركة ما قبلها، بل تجعل دالا مقلوبة فوق ألف الوصل دائما، والعمل عندنا على ما ذكره الناظم.

      "تنبيهان":

      الأول: أطلق الناظم كالشيخين في جعل الصلاة في ألف الوصل، ولم يفصلوا بين أن يكون ما قبله مما يمكن الوقف عليه نحو: في الله ، و: قال الله ، أو مما لا يمكن الوقف عليه نحو: والله ، و: بالله ، وقد نص بعض علماء الفن على أن ذلك خاص بألف الوصل الذي يمكن الوقف على ما قبله، وأما ما لا يمكن الوقف على ما قبله فلا تجعل فيه الصلة، وبهذا التفصيل جرى العمل عندنا، وجملة ما وقع في القرآن قبل ألف الوصل مما لا يمكن الوقف عليه ستة أحرف يجمعها قولك: "فكل وتب" نحو: فالله ، كالطود ، لابنه ، والطور ، [ ص: 294 ] تالله ، "باسم الله".

      الثاني: قول الناظم "ووسطه إن ضمة"، هو كقول الشيخين: جعلت في وسط الألف، وذلك صريح في اتصال الصلة بألف الوصل; لأنه لا يقال في الوسط إلا لما كان متصلا إلا أنهم لم يعبروا بما هو صريح في الاتصال، إلا في ألف الوصل الواقعة بعد الضم، وعبارتهم في ألف الوصل الواقعة بعد الفتح والكسر مجملة، فإذا رد المجمل إلى المفسر كانت الصلة متصلة بألف الوصل في جميع الأحوال، وبهذا جرى عملنا، والضمير في قوله: "ففوقه" "وتحته" "ووسطه" يعود على ألف الوصل، وقوله: "كسرة" يصح نصبه على أنه خبر لكان محذوفة؛ أي: إن كان شكل ما قبلها كسرة، ويصح رفعه بفعل محذوف تقديره: إن وجدت قبله كسرة، ومثل هذا يجري في قوله: "إن ضمة"،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية