الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      ................................... إن شئت أن تلحق بالحمراء


      أول ما الثاني به قد دخلا     علامة للجمع أو أن أصلا


      نحو النبيئين تراءا      ......................

      قسم الناظم اجتماع المثلين إلى ثلاثة أقسام: قسم يكون أول المثلين فيه ساكنا، وقسم يكون فيه مضموما، وقسم يكون فيه مشددا، وسيتكلم فيما سيأتي على القسمين الأخيرين، وتكلم هنا على القسم الأول؛ فأشار إلى أنه إذا اجتمع مثلان، وحذف أحدهما من الرسم وكان أولهما ساكنا، وثانيهما أصليا، أو دالا على الجمع وبنيت على أن ثاني المثلين هو الثابت، وأولهما هو المحذوف، فإنك في المثل الأول بالخيار إن شئت ألحقته بالحمراء، وإن شئت لم تلحقه أصلا، يعني: وتجعل في موضعه مدا دلالة على أنه ممدود.

      ولا فرق في هذا التخيير بين أن يكون المثلان ياءين، أو ألفين أو واوين وإن كان الناظم إنما مثل للياءين والألفين، فمثل للياءين ب: "النبيئين"، وهو مما اجتمع فيه ياءان أولاهما ساكنة جيء بها لبناء فعيل، وهي التي [ ص: 300 ] بين عين الكلمة ولامها، والثانية هي علامة الجمع والإعراب، واتفقت المصاحف على كتبه بياء واحدة; لئلا يجتمع فيه ياءان؛ إذ لا وجود للهمز الفاصل بينهما خطا، فيجوز أن تكون الياء المحذوفة هي الأولى، وأن تكون هي الثانية، ورجح الداني حذف الأولى ورجح أبو داود حذف الثانية كما قدمه الناظم في الرسم وعلى ما رجحه الداني يأتي في ضبط: "النبيئين" ما ذكره الناظم هنا من التخيير، والعمل عندنا على ما رجحه أبو داود، وعليه فكيفية ضبط النبيئين أن تجعل الياء الأولى سوداء، والياء الثانية حمراء بعد السوداء، وتجعل الهمزة نقطة صفراء بين الياءين، كما قدمناه في الرسم.

      ومثل للألفين ب: "تراءا"، وهو مما اجتمع فيه ألفان؛ الأولى لبناء وزن تفاعل، وهي التي بعد الراء، والثانية أصلية بدل من لام الكلمة، وسيتكلم على ما إذا كانت الألف الأولى أصلية والثانية ألف الاثنين وذلك في: "جاءانا" واتفقت المصاحف على كتب: "تراءا" بألف واحدة لئلا يجتمع فيه مثلان؛ إذ الهمزة غير موجودة في الخط، وقد ذكر الشيخان احتمال أن تكون الألف المرسومة فيه هي الأولى، وأن تكون هي الثانية، وصرح الناظم في الرسم باختيار حذف الأولى، وإثبات الثانية تبعا للشيخين، وبه جرى العمل كما قدمناه هناك، وعليه يأتي في ضبطه الوجهان المخير فيهما هنا، والعمل عندنا على الوجه الأول منهما، وهو أن تلحق الألف التي قبل الهمزة بالحمراء، وتضع عليها المد لوجود سببه، وتجعل الألف التي بعدها سوداء، وقد تكلمنا في الرسم على: "تراءا" بأبسط مما ذكرناه هنا، ومما يشمله كلام الناظم هنا: ليسوءوا ; لأنه مما اجتمع فيه مثلان أولهما ساكن، والثاني دال على الجمع، والمثلان فيه واوان؛ الأولى عين الكلمة وهي التي بعد السين، والثانية ضمير الجمع وهي التي بعد الهمزة، واتفقت المصاحف على كتبه بواو واحدة; لئلا يجتمع فيه واوان؛ إذ الهمز الفاصل بينهما غير موجود خطا، فيجوز أن تكون الواو المحذوفة هي الأولى، ويجوز أن تكون هي الثانية وقد تقدم للناظم في الرسم التصريح بترجيح حذف الأولى وثبوت الثانية؛ وهو الذي جرى به العمل كما قدمناه هناك، وعليه يأتي في ضبطه ما [ ص: 301 ] ذكره الناظم هنا من التخيير بين أن تلحق الواو الأولى بالحمراء في السطر، وتجعل المد عليها لوجود سببه، وبين أن لا تلحقها وتعوضها بمد تضعه فوق الجرة على موضع الواو، وبالوجه الأول جرى العمل عندنا.

      وقوله: "إن شئت" شرط حذف جوابه أي: فألحق، و: "أول" مفعول ب: "تلحق" و: "ما" التي أضيف إليها "أول" صادقة على مثلين، والباء في "به" بمعنى "من"، والضمير عائد على لفظ: "ما" و: "أن" في قوله: "أو أن أصلا" مفتوحة الهمزة زائدة، و: "أصلا" معطوف على "قد دخلا"، وسبك الكلام: إن شئت أن تلحق أول مثلين الثاني منهما دخل علامة للجمع، أو أصلا أي: كان أصليا فألحق، وقد أحسن الناظم في قوله: علامة للجمع، إذ لو قال ضمير جمع لخرج منه: "النبيئين"، ولو قال علامة إعراب لخرج منه: ليسوءوا ، فأتى بعبارة شاملة للقسمين،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية