الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      كذاك كلتا مع تترا بالألف ثم بنخشى أن جنى قد اختلف

      ذكر في الشطر الأول كلمتين رسمتا بالألف في جميع المصاحف، وهما: كلتا ، و: "تترا" ، وفي [ ص: 203 ] ألفهما احتمالان كما سيأتي، وعلى أحد الاحتمالين تكونان شبيهتين ب: تراءى ، وتالييه في الالتحاق بالكلمات السبع التي رسمت بالألف بدل الياء.

      أما "كلتا" ففي "الكهف": كلتا الجنتين آتت أكلها ، واختلف في ألفه؛ فذهب الكوفيون إلى أنها ألف تثنية وأنه مثنى لفظا ومعنى، وتاؤه للتأنيث، وذهب البصريون إلى أن ألفه للتأنيث، وأنه مفرد لفظا، مثنى معنى، وأن تاءه منقلبة عن واو؛ ك: "تجاه"، و: "تراث"، وقيل: عن ياء، وذهب الجرمي من البصريين إلى أن تاءه زائدة، وألفه مبدلة من واو، فعلى قول الكوفيين إن ألفه للتثنية، وقول الجرمي: إن ألفه مبدلة من واو لا يكون من هذا الباب، وعلى قول البصريين: إن ألفه للتأنيث قياسه أن يكتب، فحيث كتب بالألف احتيج إلى استثنائه كالكلم السبع.

      وأما "تترا"، ففي "قد أفلح": " ثم أرسلنا رسلنا تترا"، وقد قرأه نافع ومن وافقه بالألف دون تنوين، فقيل: إن ألفه للإلحاق، وقيل: للتأنيث، وإنه مصدر كدعوى، وعلى كل فتاؤه مبدلة من واو؛ وهو من المواترة بمعنى المتابعة مع مهلة بين واحد وآخر، فعلى القول بأن ألفه للإلحاق لا يكون من هذا الباب، وعلى القول بأن ألفه للتأنيث يكون منه، أي: مما قياسه أن يكتب بالياء ولكن خولف في القياس، فكتب بالألف فاحتيج على ذلك القول إلى استثنائه كالكلمات السبع، ومقتضى إطلاق الناظم الحكم أن شيوخ النقل كلهم ذكروا الاحتمال في الكلمتين وليس كذلك، ثم لما ذكر الناظم الكلمات السبع المستثناة باتفاق المصاحف، وما هو في أحد احتماليه ملحق بها أتبعها بما اختلفت فيه، فأخبر في الشطر الثاني مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن كتاب المصاحف اختلفوا في: نخشى أن تصيبنا دائرة في "العقود". و: "وجنا الجنتين دان" في "الرحمن"، فكتبوهما في بعض المصاحف بالياء، وفي بعضها بالألف، وأتى: ب: "أن" مع: "نخشى" خوفا من تصحيف المبدوء بالنون بالمبدوء بغيرها نحو: لا تخاف دركا ولا تخشى و: إنما يخشى الله من عباده العلماء ، لا للاحتراز؛ إذ لا نظير له في القرآن ولم يرجح في المقنع في اللفظين وجها من الوجهين.

      وقال أبو داود : وكلاهما حسن، وزاد في: "نخشى" اختيار كتبه [ ص: 204 ] بالياء على الأصل، والعمل عندنا على كتب: "نخشى" بالياء، وكتب: "جنا" بالألف، وقوله: كذاك خبر مقدم و: "كلتا" مبتدأ مؤخر، ومع ظرف في محل الحال من ضمير الخبر، و: "تترا"، مضاف إليه، وبالألف في محل الحال من ضمير الخبر أيضا، وسبك الشطر الأول هكذا: كلتا يشبه حال كونه مكتوبا بالألف ومصاحبا في هذا الحكم لتترا الكلمات الثلاث المتقدمة.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية