الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      فصل وقل إحداهما قد حذفت مما لجمع أو بناء دخلت


      كنحو ووري ويستوونا     موءودة داود والغاوونا

      تقدم أن الواو المحذوفة من الرسم قسمان:- مفردة.

      - وغير مفردة.

      ولما فرغ الناظم من الكلام على القسم الأول عقد هذا الفصل للقسم الثاني، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يقال: إن إحدى الواوين حذفت في [ ص: 151 ] المصاحف من الواوين اللتين دخلت إحداهما للدلالة على جمع، أو لإقامة بناء كلمة أي بنيتها، وسيأتي تعيين المحذوفة منهما، ثم مثل في البيت الثاني بخمسة أمثلة: مثالان لما دخلت فيه إحدى الواوين للجمع وهما: "يستوون" من قوله تعالى: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون . في الم السجدة، والغاوون من قوله تعالى: فكبكبوا فيها هم والغاوون . في الشعراء، وفيها أيضا، والشعراء يتبعهم الغاوون .

      وثلاثة أمثلة لما دخلت فيهم إحدى الواوين للبناء، وهي: "ووري" من قوله تعالى: ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما في الأعراف والموءودة من قوله تعالى: وإذا الموءودة سئلت في "التكوير"، و: "داوود". وهو كثير في القرآن؛ فإن كل واحدة من هذه الكلمات اجتمع فيها واوان، والثانية في: "لا يستوون" ضمير جمع وفي: "الغاوون" علامة رفع الجمع وفي بقية الأمثلة للبناء.

      ومن الكلمات التي الواو الثانية فيها للجمع: "ولا تلوون"، و: "يلوون"، و: "إن تلووا". و: "ليسؤوا"، و: "لتستووا". و: "فأووا". وفهم من أمثلة الناظم أنه لا بد في حذف إحدى الواوين المجتمعتين، أن تكون الثانية بعد ضمة، فخرج نحو: "آووا"، و: "نصروا"، و: "لووا رءوسهم"، فإن الواوين ثابتان فيه، وأن تكون الواوان متلاصقتين في الخط صورة وتقديرا، فدخل نحو: "الموءودة"، و: "ليسوءوا". مما "انفصلت فيه الواوان لفظا لا خطا"، وخرج: "تبوءوا". فإن الواو فيه وإن اتصلتا صورة فهما منفصلتان تقديرا بصورة الهمزة التي حذفت لاجتماع الأمثال بخلاف: "الموءودة" و: "ليسوءوا"، فلا حظ لهمزتيهما في الصورة على المشهور.

      "تنبيه": لم يذكر الناظم في هذا الباب حذف إحدى الواوين مما الأولى فيه صورة للهمزة الواقعة قبل واو الجمع، نحو: "مستهزءون" و: "متكئون". و: "بدءوكم". و: "أنبئوني" و: "ليطفئوا". و: "ليواطئوا" و: "يستنبئونك". بل أخره إلى آخر باب الهمز، وأدرجه في قوله: "وما يؤدي لاجتماع الصورتين". إلخ. وهاهنا ذكره أبو عمرو .

      وأما لفظ: "الموءودة" فإنما ذكره الناظم هنا باعتبار الواوين، المكتنفين للهمزة.

      ثم قال:


      ورسم الأولى في الجميع أحسن     وفي يسوءوا عكس هذا أبين

      لما ذكر في البيتين قبل أن إحدى الواوين محذوفة من نحو: "ووري". و: "يستوون" ولم [ ص: 152 ] يعين المحذوفة من الواوين، أراد أن يعين هنا المحذوفة منهما فأخبر في الشطر الأول بأن رسم الأولى من الواوين، أي: إثباتها في الرسم مع حذف الثانية أحسن في جميع ما تقدم يعني من مقابله، وهو حذف الأولى مع إثبات الثانية، ثم أخبر في الشطر الثاني بأن عكس هذا أبين في: "يسوءوا". من قوله تعالى: ليسوءوا وجوهكم في الإسراء، فيترجح فيه حذف الواو الأولى مع إثبات الواو الثانية الذي هو المرجوح في غيره، وهذا إنما هو على قراءة من قرأ: "ليسوءوا"، بالياء وضم الهمزة بعدها واو الجمع.

      وأما على قراءة من قرأه بالياء، ونصب الهمزة أو بالنون ونصب الهمزة فلا حذف فيه أصلا.

      واعلم أن جميع ما ذكره الناظم في هذا البيت إنما يوافق كلام أبي عمرو في المحكم، وكلام أبي داود في ذيل الرسم.

      وأما كلام أبي عمرو في: "المقنع" وأبي داود في: "التنزيل"، فمخالف لما ذكره الناظم هنا، والعمل على ما ذكره الناظم في هذا البيت، وعليه فكيفية ضبط: "ووري". و: "يستوون". وشبههما أن تجعل الواو الأولى سوداء، وتجعل بعدها واوا حمراء وهكذا ضبط: "الموءودة"، إلا أنك تجعل همزتها نقطة صفراء بين الواو الأولى السوداء، والواو الثانية الحمراء، وكيفية ضبط: "ليسوءوا". أن تجعل بعد السين واوا حمراء في السطر، وتجعل الهمزة نقطة صفراء بعد الواو الحمراء، فوق السطر، ثم تجعل واوا سوداء بعد الهمزة، فتكون الهمزة بين الواو الأولى الحمراء والواو الثانية السوداء.

      "تنبيه": ذكر أبو داود تعيين الحذف لصورة الهمزة في نحو: "مستهزءون" و: "متكئون" و: "أنبئوني". و: "يستنبئونك". مما الأولى فيه صورة للهمزة الواقعة قبل واو الجمع، وعلى ما ذكره أبو داود العمل، وعليه فكيفية ضبط ذلك أن تجعل واو الجمع كحلاء، وتجعل الهمزة قبلها نقطة صفراء.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية