الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      ............ سوى قل اصلاح وأولى ظلام


      تلاوته وسبل السلام     ومثلها الأول من غلام


      وكل حلاف غلاظ لاهيه     ومثلها التلاق مع علانيه


      ثم فلانا لائم ولازب     وأطلقت في منصف فالكاتب


      مخير في رسمها      ...........

      لما ذكر أن أبا داود نقل حذف الألف المصاحبة للام المفردة، وأنه تتبع مواضعه كلمة كلمة استثنى منها ثلاثة عشر لفظا لم يتعرض لها أبو داود بحذف، ولا إثبات أولها في النظم. "قل اصلاح"، وآخرها "لازب".

      أما "قل اصلاح" ففي "البقرة": قل إصلاح لهم خير وقيده ب: "قل" احترازا من نحو: "أو إصلاح بين الناس".

      وأما أولى "ظلام" أي: الكلمة الأولى من لفظه ففي "آل عمران": وأن الله ليس بظلام للعبيد ، واحترز بالأولى عن نحو: الذي في "الأنفال"، و: "الحج" وأما تلاوته ففي "البقرة": الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته .

      وأما "سبل السلام" ففي "العقود": من اتبع رضوانه سبل السلام ، وقيده بالمجاور وهو "سبل" احترازا من نحو: لهم دار السلام .

      وأما الأول من لفظ "غلام" ففي "آل عمران": قال رب أنى يكون لي غلام ، واحترز بالأول من نحو الواقع في "مريم".

      وأما "كل حلاف" ففي "القلم": ولا تطع كل حلاف ، ولم يحترز بالمجاور عن شيء إذ لم يقع له نظير.

      وأما "غلاظ" ففي "التحريم": عليها ملائكة غلاظ .

      وأما "لاهية" ففي "الأنبياء" إخبارا عن الناس: لاهية قلوبهم .

      وأما "التلاق" ففي "غافر": يوم التلاق .

      وأما "علانية" ففي "البقرة": الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ، وهو متعدد فيما بعدها.

      وأما "فلان" ففي "الفرقان": لم أتخذ فلانا خليلا .

      وأما "لائم" ففي "العقود": ولا يخافون لومة لائم .

      وأما "لازب" ففي "الصافات": إنا خلقناهم من طين لازب .

      ثم أخبر أن الألف الواقعة بعد اللام أطلقت في "منصف" البلنسي يعني بالحذف، بحيث يعم إطلاقه هذه الألفاظ الثلاثة عشر التي سكت عنها أبو داود وغيرها مما حذفه.

      [ ص: 81 ] قال الناظم من عند نفسه فيتسبب عن تعميم صاحب "المنصف" لها بالحذف، وسكوت أبي داود على الألفاظ الثلاثة عشر المقتضي لبقائها على الأصل من الثبوت تخيير الكاتب فيها بين الإثبات والحذف، لكن يرد على الناظم: أن أبا عمرو نص على حذف الأول من: "غلام"، وعلى حذف: "سبل السلام"، فكيف يصح التخيير فيما نص أبو عمرو والبلنسي على حذفه وسكت عنه أبو داود لا سيما وقد حكى اللبيب إجماع المصاحف على حذف سبل السلام، وسيأتيك ما به العمل في شرح الأبيات بعد، والضمير المستتر في قوله "أطلقت" يعود على الألف الواقع بعد اللام، وضمير "رسمها" يعود على الألفاظ الثلاثة عشر.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية