الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وخصت العين لما بينهما من شدة وقرب مخرجيهما

      [ ص: 281 ]

      لأجل ذا خطت عن الثقات     عينا من الكتاب والنحاة

      يعني أن وجه اختصاص العين بالامتحان بها دون غيرها من الحروف هو ما بينها وبين الهمزة من المناسبة من وجهين: أحدهما كون الهمزة شديدة والعين فيها بعض الشدة بخلاف سائر حروف الحلق، والثاني أنهما معا من حروف الحلق بخلاف سائر حروف الشدة، ليس يخرج منها شيء من الحلق، فما يشارك الهمزة من حروف الهجاء إما يشاركها في المخرج فقط، أو في الصفة فقط ما عدا العين؛ فإنها تشاركها في المخرج والصفة، وهذا التوجيه ذكره الداني، وزاد في التوجيه اشتراكهما في الجهر، وكون العين أكثر دورا من غيرها.

      "واعلم" أن المناسبة المذكورة بين الهمزة والعين أوجبت للهمزة أمرين: أحدهما يرجع إلى اللفظ وهو امتحان موضعها بالعين دون غيرها، وهو الذي ذكره الناظم فيما تقدم، والأمر الثاني يرجع إلى الخط، وهو تصويرها بصورة العين دون صورة غيرها من الحروف، وإلى هذا أشار هنا في البيت الثاني، فقوله: "لأجل ذا" أي: لأجل ما بين الهمزة والعين من المناسبة المتقدمة "خطت" أي: كتبت الهمزة صورة عين "عن الثقاة من الكتاب والنحاة"، والنحاة معروفون، والمراد بالكتاب هنا أصحاب الرسائل والأشعار، وأما نقاط المصاحف فمجمعون على جعل الهمزة نقطة كانت لها صورة في المصحف أو لا، نعم جرى العمل بجعل الهمزة المحققة عينا في ألواح التعليم، وقوله: "عن الثقاة" هو في بعض النسخ بالثاء المثلثة جمع ثقة وهو العدل المأمون، وفي بعضها بالتاء المثناة فوق جمع تاق بمعنى تقي.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية