الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وأثبتت في سيئا والسيئ سيئة هيئ وفي يهيئ

      [ ص: 180 ]

      لكن في السيئ لغاز صورا     هيئ يهيئ ألفا وأنكرا

      لما ذكر أن كل صورة تؤدي بسبب رسمها إلى اجتماع صورتين قياسها الحذف سواء كانت الصورة الأخرى لهمزة أخرى أم لغيرها استثنى في البيت الأول من تلك القاعدة خمس كلمات، وهي: "سيئا" و: "السيئ". و: "سيئة" و: "هيئ". و: "يهيئ".

      فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة في تلك الكلمات الخمس أثبتت، أي: صورت فيها بما يقتضيه القياس مع تأدية الصورة إلى اجتماع صورتين.

      - أما "سيئا" ففي "التوبة": خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا .

      - وأما "السيئ" فكلمتان في "فاطر": ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .

      - وأما "سيئة" فنحو ما في "البقرة": بلى من كسب سيئة . وهو متعدد ولا مدخل للجمع هنا.

      - وأما "هيئ" و: "يهيئ" فكلاهما في "الكهف": وهيئ لنا من أمرنا رشدا ، ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ، وبقي كلمتان صورت همزتهما ياء على القياس مع تأدية الصورة فيهما إلى اجتماع صورتين، وهما: "يئسوا"، و: "يئسن"، وقد تقدم للناظم التمثيل ب: "يئسوا" لما صورت همزته ياء، ثم استدرك في البيت الثاني فذكر أن الهمزة صورت ألفا عند الغازي بن قيس في كلمتي: "السيئ" وفي: "هيئ"، و: "يهيئ".

      قال الناظم: وأنكر؛ أي: أنكر تصوير الهمزة ألفا فيما ذكر "الغازي"، وأشار بقوله: وأنكر إلى قول الشيخين، وذلك خلاف الإجماع: اهـ.

      والعمل على ما ذكره الناظم في البيت الأول، والغازي بن قيس قرطبي يكنى أبا محمد، سمع من مالك رضي الله عنه، وابن أبي ذئب وجماعة، وهو أول من أدخل إلى الأندلس : "الموطأ"، و: "مقرأ" " نافع "، وقرأ على نافع، وكان يحفظ "الموطأ" ظاهرا وعرض عليه القضاء فأبى، قال أصبع بن خليل : سمعته يقول: والله ما كذبت كذبة منذ اغتسلت، ولولا عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته، وما قاله عمر فخرا ولا رياء. وما قاله إلا ليقتدى به، وكان رأسا في علم القرآن، كثير الصلاة بالليل، توفي سنة تسع وتسعين ومائة، واسم "لكن" من قول الناظم: "لكن في السيئ" ضمير الشأن محذوفا، والسيئ بإسكان الياء على إجراء الوصل مجرى الوقف للوزن، وقوله: "هيئ" نائب فاعل صور على حذف [ ص: 181 ] مضاف؛ أي: همز "هيئ"، والجملة الفعلية خبر "لكن"، وهي المفسرة لضمير الشأن.

      وقوله: "ألفا"، مفعول ثان "لصور"، والألف في "صورا"، و: "أنكرا"، للإطلاق.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية