الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:

      والنون من ننجي في الأنبياء كل وفي الصديق للإخفاء

      أخبر مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كتاب المصاحف كلهم بحذف النون الثانية من: "ننجي"، في سورة "الأنبياء"، وفي سورة "الصديق"، وهو سورة "سيدنا يوسف"، وإنما ذكر حذف نون: "ننجي"، في ترجمة حذف الألفات، ولم يفرده بباب تبعا لأبي عمرو.

      وأما "ننجي" في "الأنبياء" فهو: وكذلك ننجي المؤمنين .

      وأما "ننجي" في "يوسف" فهو: "فننجي من نشاء"، وقد قرأهما الشامي وشعبة بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم، وكذا حفص في "يوسف" وقيدهما بالسورتين، دفعا لتوهم إرادة المفتتح بغير النون نحو: تنجيكم من عذاب أليم ، في "الصف" أو توهم اندراج المشدد الجيم، نحو: ننجيك ببدنك ، لا للاحتراز؛ إذ لم يقع: "ننجي" مفتتحا بنونين ثانيتهما ساكنة إلا في السورتين المذكورتين، وعلم أن مراده بالنون المحذوفة من "ننجي" هي النون الثانية، لا الأولى من تعليله الحذف "بالإخفاء" المشار إليه بقوله: للإخفاء، أي: لإخفاء النون في الجيم، وإنما يخفى الساكن، والساكن هنا هو النون الثانية.

      وحاصل التعليل الذي أشار إليه أن الجيم لما كانت من الحروف التي تخفى عندها النون الساكنة قراءة وكان الإخفاء قريبا من الإدغام حذفت النون المخفاة في: "ننجي"، من الرسم كما حذفت النون المدغمة من الرسم في نحو: عم يتساءلون و: مم خلق ، و: عما كنتم ، 6 و: ألن نجمع و: ألا تعلوا فإذا ضبطت: "ننجي" في السورتين ألحقت النون الساكنة بالحمراء وأعريتها من علامة السكون، وأعريت الجيم من علامة التشديد كما ذكره الداني.

      واعلم أن الناظم سكت عن حذف النون الثانية من: [ ص: 113 ] لننظر كيف تعملون ، في سورة "يونس"، ومن: لننصر رسلنا ، في سورة "غافر"، وقد ذكرهما الشيخان معا بالخلاف، وكان وجه سكوته عنهما هو تضعيف الشيخين لحذف النون فيهما، وبإثبات نونهما جرى العمل.

      وأما "تأمنا" من قوله تعالى: ما لك لا تأمنا في سورة "يوسف"، فقد أجمع كتاب المصاحف على رسمها بنون واحدة وفيها وجهان لنافع وغيره، من القراء السبعة:

      أحدهما: إدغام النون الأولى، وهي آخر الفعل في النون الثانية، وهي أول الضمير المنصوب إدغاما تاما مع الإشمام.

      والوجه الآخر: الإخفاء، أي: الروم، وعليه أكثر أهل الأداء، فعلى الوجه الأول؛ وهو الإدغام التام لا حذف في: "تأمننا"; لأن الادغام التام لا يتأتى إلا بعد تسكين أول المثلين فيرجع رسمها إلى باب "آمنا".

      وعلى الوجه الثاني: -وهو الإخفاء- ففي: "تأمنا"، حذف النون الأولى من الرسم كما صرح به الشيخان، وقد سكت الناظم هنا على حذفها على وجه الإخفاء، وأشار إلى ذلك في الضبط بقوله: "ونون تأمنا إذا ألحقته"، البيت... وسنزيد قراءتها ورسمها بيانا في فن الضبط عند شرح هذا البيت مع بيان كيفية ضبطها على الوجهين إن شاء الله.

      وقوله: "والنون" بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره حذف، وكل: فاعل بالفعل المحذوف وهو مضاف في التقدير إلى كتاب المصاحف، أي: وحذف كل كتاب المصاحف النون من: "ننجي"، و: "للإخفاء" متعلق بالفعل المحذوف.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية