الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وعند كل ما سواه تعرى وإن تشأ صورت ميما صغرى


      من قبل باء ثم شد يلزم     في كل ما التنوين فيه يدغم

      ذكر في الشطر الأول أن حكم النون الساكنة عند غير الحرف الحلقي أن تعرى من علامة السكون، وشمل قوله: "كل ما سواه" حروف الإخفاء الخمسة عشر المعلومة، متصلة مع النون، أو منفصلة عنها نحو: "أنت" و: "إن كنتم"، وحرف القلب؛ وهو الباء متصلة مع النون، أو منفصلة عنها: منبثا ، و: من بعد ، وحروف الإدغام التام والناقص، وهي حروف: "يرسلون" نحو: من ربهم ، من لدنه ، ومن يعمل ، من وال لكن بشرط انفصال الياء والواو عن النون كما مثلنا، وأما إذا كانا متصلين معها في كلمة واحدة نحو: الدنيا0 ، و: قنوان ، فالحكم تصوير سكونها; لأنها مظهرة حينئذ، وظاهر كلام الناظم تعريتها لعمومه، وسيذكر وجها آخر في النون عند الواو والياء المنفصلين عنها؛ وهو إثبات علامة سكونها، وإنما عريت النون عند ما سوى الحرف الحلقي إشارة إلى قربها مما بعدها في المخرج حتى أدغمت في بعض، وقلبت عند بعض، وأخفيت عند بعض، كما أن إتباع التنوين إشارة إلى ذلك على ما قدمناه، فتعرية النون هنا بمنزلة الإتباع في النون، وأشار بقوله: "وإن تشأ صورت ميما صغرى [ ص: 255 ] من قبل باء"، إلا أن النون الساكنة إذا لقيت الباء نحو: من بعد جاز لك فيها وجهان: أحدهما تعريتها من علامة السكون حسبما دل عليه العموم السابق، وهذا الوجه هو اختيار الداني، الوجه الثاني: أن تصور ميما صغيرة تنبيها على أن النون انقلبت في اللفظ ميما لمؤاخاتها للنون في الغنة وقربها من الباء في المخرج، وهذا الوجه هو اختيار أبي داود وبه جرى العمل، وتوضع تلك الميم على النون في مكان السكون على ما نص عليه أبو داود وبه العمل، ولا تجعل على الميم علامة السكون كما قدمناه في التنوين عند الباء، وقوله: "ثم شد يلزم" إلخ، يعني به أن وضع علامة التشديد يلزم في كل حرف يدغم فيه التنوين إدغاما خالصا في اللفظ، ويشدد بعد التنوين في الضبط، وذلك حروف: "لم نر" المتقدمة في قوله: "والشد بعد في هجاء لم نر"، وأمثلتها بعد النون: من لدنه ، من ماء ، من نعمة ، من رزق ، ووجه تشديدها بعد النون التنبيه على أنها أدغمت فيها النون إدغاما تاما كما تقدم في التنوين، وفهم من كلام الناظم أن ما عدا حروف: "لم نر"، لا تجعل عليه علامة التشديد بعد النون الساكنة، وهو كذلك إلا الواو والياء، فسيتكلم عليهما في البيتين بعده.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية