الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وكل ما قد ذكروه أذكر من اتفاق أو خلاف أثروا

      [ ص: 29 ]

      والحكم مطلقا به إليهم     أشير في أحكام ما قد رسموا

      يعني أن من اصطلاحه أن يذكر جميع ما ذكره الشيوخ الثلاثة المتقدمون وهم: أبو عمرو الداني، والشاطبي، وأبو داود، من أحكام الرسم التي اتفقت عليها المصاحف، أو اختلفت فيها مما رووه عنها، واعتمدوه موافقا لقراءة نافع، فخرج ما ذكروه من الأحكام، واستضعفوه فلا يذكره، وأما التعاليل التي ذكروها فالغالب عدم ذكره لها، وقوله: من اتفاق أو خلاف يؤذن بأنه لم يلتزم ببيان ما ذكره الشيوخ من التشهير والترجيح، وحينئذ لا يلتفت إلى اعتراض شارحيه عليه بفوات بيان ذلك.

      ثم أخبر أن من اصطلاحه –أيضا- أن يشير بالحكم في حال كونه مطلقا إلى اتفاق الشيوخ المذكورين في أحكام ما قد رسموا؛ أي: في أحكام الألفاظ التي ذكروا رسمها.

      ومراده بالحكم المطلق ما لم يسند لواحد فأكثر من شيوخ النقل المذكورين، فيدخل فيه قوله: وحذف "ادارأتم" "رهان"، وقوله: " واحذف تفادوهم "يتامى"، و: "دفاع"، وشبه ذلك، ويدخل فيه أيضا قوله: "كذاك لا خلاف بين الأمه" وقوله: "وللجميع الحذف في الرحمن"، وقوله: "وجاء أيضا عنهم في " العالمين"، وشبه ذلك مما فيه الحكم لكتبة المصاحف لا لشيوخ النقل; لأن هذه الأمثلة ونحوها خالية من إسناد الحكم لواحد فأكثر من شيوخ النقل المذكورين.

      تنبيهان:

      التنبيه الأول: ما اصطلح عليه في هذين البيتين لا يختص بحذف الألفات، بل يجري في جميع أبواب نظم الرسم.

      وأما قوله قبل: وفي الذي كرر منه أكتفي، البيتين فهو مختص بالحذف كما قررناه; لأن المتبادر عود ضمير منه على الحذف في قوله: "وحذفه جئت به مرتبا"، ومن الشراح من جعله جاريا في جميع أبواب النظم أيضا.

      التنبيه الثاني: إنما لم ندخل الشيخ البلنسي في ضمير ذكروه; لأن إدخاله فيه يقتضي أن جميع ما ذكروه في المنصف يذكره الناظم، وهو ينافي قوله قبل: وربما ذكرت بعض أحرف... البيت، وحينئذ لا يكون صاحب المنصف معتبرا في إطلاق الحكم الذي يشير به الناظم إلى اتفاق شيوخ النقل، ومما يؤيد ذلك أن الناظم ساق الخلاف مطلقا في قوله الآتي: "لكن قل [ ص: 30 ] سبحان فيه اختلفا"، مع أن صاحب المنصف ليس له فيه كلام.

      وقول الناظم: أثروا بقصر الهمزة بمعنى رووا، وجملة أثروا صفة اتفاق وما عطف عليه، وعائد الموصوف محذوف تقديره: أثروه.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية