الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 3449 / 1 ] وقال إسحاق بن راهويه: أبنا عبدة بن سليمان، ثنا سالم المرادي أبو العلاء، سمعت الحسن يقول: " لما قدم علي البصرة في أمر طلحة وأصحابه، قام عبد الله بن الكواء وابن عباد فقالا: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرك هذا، أوصية أوصاك بها [ ص: 217 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أم عهد عهده عندك، أم رأي رأيته حين تفرقت الأمة واختلفت كلمتها؟فقال: ما أكون أول كاذب عليه، والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم موت فجأة ولا قتل قتلا، ولقد مكث في مرضه كل ذلك يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيقول: مروا أبا بكر فليصل بالناس. ولقد تركني وهو يرى مكاني ولو عهد إلي شيئا لقمت به حتى عارضت في ذلك امرأة من نسائه فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قام مقامك لم يسمع الناس، فلو أمرت عمر أن يصلي بالناس؟ فقال لها: إنكن صواحب يوسف. فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر المسلمون في أمرهم فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولى أبا بكر أمر دينهم فولوه أمر دنياهم، فبايعه المسلمون وبايعت معهم، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني، وكنت سوطا بين يديه في إقامة الحدود، فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده، فأشار بعمر ولم يأل فبايعه الناس وبايعته معهم، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني، وكنت سوطا بين يديه في إقامة الحدود، فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها لولده، وكره أن ينتخب منا معشر قريش رجلا فيوليه أمر الأمة فلا يكون فيه إساءة من بعده إلا لحقت عمر في قبره فاختار منا ستة أنا فيهم لنختار للأمة رجلا، فلما اجتمعنا وثب عبد الرحمن بن عوف فوهب لنا نصيبه منها على أن نعطيه مواثيقنا على أن نختار من الخمسة رجلا فنوليه أمر الأمة، فأعطيناه مواثيقنا فأخذ بيد عثمان فبايعه، ولقد عرض في نفسي عند ذلك، فلما نظرت في أمري فإذا عهدي قد سبق بيعتي فبايعت وسلمت، فكنت أغزو إذا أغزاني وآخذ إذا أعطاني، وكنت سوطا بين يديه في إقامة الحدود، فلما قبض عثمان نظرت في أمري فإذا الموثقة التي كانت في عنقي لأبي بكر وعمر قد انحلت، وإذا العهد لعثمان قد وفيت به، وأنا رجل من المسلمين ليس لأحد عندي دعوى ولا طلبة فوثب فيها من ليس مثلي - يعني: معاوية - لا قرابته قرابتي ولا علمه كعلمي ولا سابقته كسابقتي وكنت أحق بها منه. قالا: صدقت، فأخبرنا عن ملك هذين الرجلين - يعنيان: طلحة والزبير - صاحباك في الهجرة وصاحباك في بيعة الرضوان وصاحباك في المشورة. فقال: بايعاني بالمدينة وخالفاني بالبصرة، ولو أن رجلا ممن بايع أبا بكر خلعه لقاتلناه، ولو أن رجلا ممن بايع عمر خلعه لقاتلناه ".

                                                                                                                                                                    [ 3449 / 2 ] قال إسحاق: وأبنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن سالم المرادي، عن الحسن مثله سواء. [ ص: 218 ]

                                                                                                                                                                    هذا إسناد صحيح.

                                                                                                                                                                    روى أبو داود والنسائي طرفا منه من حديث الحسن، عن قيس بن عباد.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية