الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    19 - باب ما جاء في الشيب.

                                                                                                                                                                    [ 4135 / 1 ] قال أبو داود الطيالسي: ثنا عبد الجليل بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن عبسة السلمي - رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شاب شيبة في الإسلام - أو قال: في سبيل الله - كانت له نورا يوم القيامة، ما لم يخضبها أو ينتفها، قلت لشهر: (أنتم تصفرون وتخضبون) بالحناء؟ قال: أجل. قال: كأنه يعني السواد".

                                                                                                                                                                    [ 4135 / 2 ] رواه مسدد: ثنا عبد الوارث، عن عبد الجليل ... فذكره مقتصرا منه على قصة الشيب حسب.

                                                                                                                                                                    وكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي . [ ص: 550 ]

                                                                                                                                                                    [ 4135 / 3 ] ورواه عبد بن حميد مطولا جدا: ثنا عبد الرزاق، أبنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن عبسة: "أنه كان جالسا مع أصحابه إذ قال رجل: من يحدثنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمرو: أنا. قال: [هي] لله أبوك (واحذر) قال: سمعته يقول: من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة. قال: [هي] لله أبوك واحذر قال: سمعته يقول: من رمى بسهم في سبيل الله كان ذلك عدل رقبة. وقال: [هي] لله أبوك واحذر. قال: سمعته يقول: من أعتق نسمة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار. قال: [هي] لله أبوك واحذر قال: و [حديث لو] أني لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا أو خمسا لم أحدثكموه. قال: سمعته يقول: ما من مسلم يتوضأ فيغسل وجهه إلا تساقطت خطايا وجهه من أطراف لحيته، فإذا غسل يديه تساقطت خطايا يديه من أنامله وأظفاره، وإذا مسح برأسه تساقطت خطايا رأسه من أظفار شعره، فإذا غسل رجليه تساقطت خطايا رجليه من باطنها، فإذا أتى مسجد جماعة فصلى فيه فقد وقع أجره على الله - عز وجل - فإن قام فصلى ركعتين كانتا كفارة له".

                                                                                                                                                                    [ 4135 / 4 ] قال عبد بن حميد: وحدثني أحمد بن يونس، حدثني عبد الحميد بن بهرام، ثنا شهر بن حوشب، أخبرني (أبو طيبة) أن شرحبيل بن السمط دعا عمرو بن عبسة فقال: "يا عمرو بن عبسة، هل أنت محدثني حديثا سمعته أنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد ولا كذب، ولا تحدثني عن آخر سمعه منه غيرك؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قد حقت محبتي للذين يتحابون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين (يتصدقون) من أجلي; وقد حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي قال عمرو بن عبسة: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجل مسلم رمى بسهم في سبيل الله، فبلغ مخطئا أو مصيبا فله من الأجر كرقبة أعتقها من ولد إسماعيل، وأيما رجل شاب شيبة في الإسلام فهي له نور، وأيما [ ص: 551 ] رجل مسلم أعتق رجلا مسلما فكل عضو من المعتق لكل عضو من المعتق فكاكه من النار، وأيما رجل مسلم قدم لله من صلبه ثلاثا لم يبلغوا الحنث أو امرأة فهم له سترة من النار، وأيما رجل قام إلى وضوء يريد الصلاة، فأحصى الوضوء إلى أماكنه سلم من كل ذنب أو خطيئة هي له، فإن قام إلى الصلاة رفعه الله بها درجة، وإن قعد قعد سالما، فقال شرحبيل بن السمط: أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو بن عبسة؟ قال: نعم والذي لا إله إلا هو، لو لم أسمع هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة أو مرتين أو ثلاث أو [أربع] أو خمس أو ست أو سبع - فانتهى عند سبع - ما حلفت أن أحدثه أحدا من الناس ولكن والله لا أدري [عدد] ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

                                                                                                                                                                    [ 4135 / 5 ] قال عبد بن حميد: وثنا يزيد بن هارون، أبنا حريز بن عثمان، ثنا [سليم] ابن عامر "أن عمرو بن عبسة كان عند شرحبيل بن السمط فقال: يا عمرو، هل من حديث تحدثنا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه نقصان ولا نسيان؟ قال: نعم، والذي نفس عمرو بيده: ما من رجل يشيب شيبة في سبيل [الله] إلا جعلها الله نورا يوم القيامة، وما من رجل يرمي بسهم إلى العدو في سبيل الله مخطئا أو مصيبا إلا كان له عتق رقبة من ولد إسماعيل، ولا يعتق رقبة مسلمة إلا [فدى] الله كل عضو منها عضوا منه من النار.

                                                                                                                                                                    فقال: يا عمرو بن عبسة، إنك لتحدث حديثا عظيما! فقال عمرو: بئس ما لي، كبرت سني ورق عظمي، وما بي حاجة أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سمعته منه غير مرة".


                                                                                                                                                                    [ 4135 / 6 ] ورواه أبو يعلى الموصلي: ثنا زهير، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا عبد الجليل بن عطية، ثنا شهر بن حوشب، عن عمرو بن عبسة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة، ما لم يخضبها أو ينتفها - أحسبه يعني: يخضبها بالسواد" أبو يعلى يقول ذلك.

                                                                                                                                                                    ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق معدان بن أبي طلحة عن عمرو بن عبسة، عن [ ص: 552 ] النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مسدد وأصحاب السنن.

                                                                                                                                                                    قلت: رواه ابن ماجه في سننه، وسيأتي في كتاب العتق، ولما رواه الطيالسي وأبو يعلى الموصلي شاهد من حديث أم سليم، وسيأتي في الباب بعده.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية