الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 3267 / 1 ] وقال أحمد بن منيع: ثنا أبو النضر، ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، أخبرني عمر بن أبي سلمة قال: " جاء أبو سلمة إلى أم سلمة فقال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا هو أعجب لي من كذا وكذا، لا أدري ما أعدل به، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصيب أحدا مصيبة فيسترجع عند ذلك ثم يقول: اللهم عندك احتسبت مصيبتي هذه، اللهم أخلفني فيها بخير منها، إلا أعطاه الله - عز وجل - ذلك. قالت أم سلمة: فلما أصيب أبو سلمة استرجعت، فقلت: اللهم عندك أحتسب مصيبتي هذه. فقالت: [ ص: 117 ]

                                                                                                                                                                    ثم جعلت لا تطاوعني نفسي أن أقول: اللهم أخلفني فيها بخير منها، ثم قلتها. فأرسل أبو بكر يخطبها فأبت، فأرسل إليها عمر يخطبها فأبت، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها فقالت: مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم إن في خلالا ثلاثا أخافهن على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا امرأة شديدة الغيرة، وأنا امرأة مصبية - تعني: لها صبيان - وأنا امرأة ليس ها هنا أحد من أوليائي شاهد يزوجني. فسمع عمر بما ردت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد مما غضب لنفسه حين ردته، قال: فأتاها فقال: أنت التي تردين رسول الله صلى الله عليه وسلم بم ترديه! قالت: يا ابن الخطاب، إن في كذا وكذا. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فقال: أما ما ذكرت أنه ليس ها هنا أحد من أوليائك يزوجك؛ فإنه ليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكرهني. فقالت لابنها: زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فزوجه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إني لن أنقصك مما أعطيت فلانة. قال ثابت لابن أم سلمة: وما كان عطاء فلانة؟ قال: أعطاها جرتين تجعل فيهما حاجتها، ورحاتين ووسادة من أدم حشوها ليف - وأما ما ذكرت من غيرتك، فإني أدعو الله أن يذهبها عنك، وأما ما ذكرت من صبيتك؛ فإن الله - عز وجل - سيكفيهم. ثم انصرف عنها، ثم أتاها فلما رأته مقبلا جعلت زينب - أصغر ولدها - في حجرها - وكان حييا كريما - فرجع، ثم أتاها الثانية، فلما رأته مقبلا جعلت الصبية في حجرها فسلم، ثم رجع أيضا الثالثة، فلما رأته مقبلا جعلت الصبية في حجرها. قال: فجاء عمار بن ياسر مسرعا حتى انتزعها من حجرها، فقال: هات هذه المشقوحة التي منعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير الصبية في حجرها - وكان اسمها زينب - فقال: أين زناب؟ فقالت: جاء عمار فأخذها. فكانت في النساء كأنها ليست منهن، لا تجد ما يجدن من الغيرة ".


                                                                                                                                                                    [ 3267 / 2 ] رواه أبو يعلى الموصلي: ثنا هدبة بن خالد، ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، حدثني ابن أم سلمة " أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة فقال: لقد سمعت حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه لا تصيب أحدا مصيبة فيسترجع عند ذلك. . ". فذكره بتمامه.

                                                                                                                                                                    [ 3267 / 3 ] قال: وثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا حماد، عن ثابت البناني، عن ابن عمر، ابن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكر نحوه، وزاد: " فلما انقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته، ثم خطبها عمر فردته " وزاد أيضا: " ثم قالت لابنها: قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه " وزاد: " فقال: إن شئت سبعت لك كما سبعت لنسائي ". [ ص: 118 ]

                                                                                                                                                                    قلت: رواه مسلم في صحيحه والنسائي من حديث أم سلمة، وهذا الذي سقته من مسند عمر بن أبي سلمة.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية