ثم قال:
والياء عنهما بما قد جهلا أصلا بكلم وهي حتى وإلى
أنى في الاستفهام قل ثم على حرفية ومثلها متى بلى
لما فرغ من القسمين الأولين من أقسام الألف التي كتبت ياء، وهما المنقلبة عن ياء، وألف التأنيث، انتقل إلى القسم الثالث؛ وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28885_28949الألف المجهولة، وهي التي لا يعرف هل أصلها الياء أو الواو، فأخبر عن الشيخين بأنها كتبت ياء، وذلك في سبع كلمات؛ ذكر منها في هذين البيتين ستة: "حتى"، و: "إلى"، و: "أنى"، الاستفهامية، وعلى الحرفية، و: "متى" الاستفهامية، و: "بلى"، وسيذكر الكلمة السابعة، وهي: "لدى"، وهذه الكلمات السبع قسمان: أسماء وهي ثلاثة: "أنى"، و: "متى"، الاستفهاميتان، و: "لدى"، على خلاف يأتي فيها وتفصيل، وحروف وهي: "حتى"، و: "على" و: "إلى"، و: "بلى".
أما حتى فنحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214حتى يقول الرسول ، وقد نقل أبو عمرو أنها رسمت في بعض المصاحف بالألف، ثم قال: ولا عمل على ذلك لمخالفة الإمام ومصاحف الأمصار. اه.
وقد وجه رسمها بالياء بأمور منها: شبهها بألف التأنيث حيث كانت رابعة كألف: "دعوى".
وأما "إلى" فنحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14وإذا خلوا إلى شياطينهم ، ورسمت بالياء فرقا بينها وبين "إلا" المشددة.
وأما "أنى" الاستفهامية فهي الواقعة قبل حرف من حروف "شليته"، وقد ورد منها في القرآن ثمانية وعشرون
[ ص: 211 ] موضعا؛ منها قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم ، بناء على أنها استفهامية، وهو رأي بعض المفسرين وسيأتي وجه رسمها بالياء، واحترز الناظم بقوله: في الاستفهام، عن "أنا" المركبة من أن المفتوحة المشددة، وضمير جماعة المتكلمين المحذوف منها إحدى النونات الثلاث؛ فإنها مرسومة بالألف نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52بأنا مسلمون .
وأما "على" الحرفية وهي الجارة فنحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5على هدى من ربهم ، واحترز بقوله: حرفية عن "علا" الفعلية، فإنها مرسومة بالألف نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4علا في الأرض ، ورسمت على الحرفية بالياء فرقا بينها وبين "علا" الفعلية، وقد ذكر في "المقنع" أن وجه رسم "على"، و: "إلى" بالياء عند النحويين انقلاب ألفهما ياء مع الضمير.
وأما "متى" الاستفهامية فنحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214متى نصر الله ، وأما "بلى" فنحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81بلى من كسب سيئة ورسمت أنى ومتى بالياء على مراد الإمالة، والباء في قول الناظم: "بما قد جهلا" بدلية على حد هذا بذاك، وما موصول اسمي واقع على الألفات، والألف في "جهلا" للإطلاق، و: "أصلا": تمييز محول عن نائب الفاعل، أي: بما قد جهل أصله، والباء في قوله: بكلم، بمعنى "في" وكلم، بكسر الكاف وسكون اللام، اسم جنس جمعي لكلمة بكسر الكاف، وسكون اللام أيضا على إحدى اللغات، وقوله: في الاستفهام حال من: "أنى"، وحرفية حال من على.
ثم قال:
وفي لدى في غافر يختلف وفي لدا الباب اتفاقا ألف
ذكر في هذا البيت الكلمة السابعة تمام الكلمات التي ألفها مجهولة، وهي: "لدى" فأخبر عن الشيخين باختلاف المصاحف في ألف:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18لدى الحناجر ، في "غافر" ففي بعضها بالياء وفي بعضها بالألف، وباتفاقها على الألف في: "لدا الباب" في "يوسف"، قال في: "المقنع" وأكثرها في "غافر" على الياء، وقال المفسرون: معنى الذي في "يوسف": عند، والذي في "غافر" في، فلذا فرق بينهما في الكتابة، وقال النحويون: المرسوم بالألف على اللفظ، والمرسوم بالياء لانقلاب الألف ياء مع الإضافة إلى الضمير. اهـ. واقتصر أبو داود في موضعين من "التنزيل" على الياء في "لدى" في "غافر" وحكى فيها الخلاف في موضع آخر منه، والعمل عندنا على رسم لدى في غافر بالياء على ما في أكثر المصاحف
ثُمَّ قَالَ:
وَالْيَاءُ عَنْهُمَا بِمَا قَدْ جُهِلَا أَصْلًا بِكِلْمٍ وَهْيَ حَتَّى وَإِلَى
أَنَّى فِي الِاسْتِفْهَامِ قُلْ ثُمَّ عَلَى حَرْفِيَّةً وَمِثْلُهَا مَتَى بَلَى
لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَقْسَامِ الْأَلِفِ الَّتِي كُتِبَتْ يَاءً، وَهُمَا الْمُنْقَلِبَةُ عَنْ يَاءٍ، وَأَلِفُ التَّأْنِيثِ، انْتَقَلَ إِلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ؛ وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28885_28949الْأَلِفُ الْمَجْهُولَةُ، وَهِيَ الَّتِي لَا يُعْرَفُ هَلْ أَصْلُهَا الْيَاءُ أَوِ الْوَاوُ، فَأَخْبَرَ عَنِ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّهَا كُتِبَتْ يَاءً، وَذَلِكَ فِي سَبْعِ كَلِمَاتٍ؛ ذَكَرَ مِنْهَا فِي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ سِتَّةً: "حَتَّى"، وَ: "إِلَى"، وَ: "أَنَّى"، الِاسْتِفْهَامِيَّةُ، وَعَلَى الْحَرْفِيَّةُ، وَ: "مَتَى" الِاسْتِفْهَامِيَّةُ، وَ: "بَلَى"، وَسَيَذْكُرُ الْكَلِمَةَ السَّابِعَةَ، وَهِيَ: "لَدَى"، وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ السَّبْعُ قِسْمَانِ: أَسْمَاءٌ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: "أَنَّى"، وَ: "مَتَى"، الِاسْتِفْهَامِيَّتَانِ، وَ: "لَدَى"، عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي فِيهَا وَتَفْصِيلٍ، وَحُرُوفٌ وَهِيَ: "حَتَّى"، وَ: "عَلَى" وَ: "إِلَى"، وَ: "بَلَى".
أَمَّا حَتَّى فَنَحْوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو عَمْرٍو أَنَّهَا رُسِمَتْ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ بِالْأَلِفِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا عَمَلَ عَلَى ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَمَصَاحِفِ الْأَمْصَارِ. اه.
وَقَدْ وُجِّهَ رَسْمُهَا بِالْيَاءِ بِأُمُورٍ مِنْهَا: شَبَهُهَا بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ حَيْثُ كَانَتْ رَابِعَةً كَأَلْفِ: "دَعْوَى".
وَأَمَّا "إِلَى" فَنَحْوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ، وَرُسِمَتْ بِالْيَاءِ فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ "إِلَّا" الْمُشَدَّدَةِ.
وَأَمَّا "أَنَّى" الِاسْتِفْهَامِيَّةُ فَهِيَ الْوَاقِعَةُ قَبْلَ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ "شليته"، وَقَدْ وَرَدَ مِنْهَا فِي الْقُرْآنِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ
[ ص: 211 ] مَوْضِعًا؛ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ وَسَيَأْتِي وَجْهُ رَسْمِهَا بِالْيَاءِ، وَاحْتَرَزَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: فِي الِاسْتِفْهَامِ، عَنْ "أَنَّا" الْمُرَكَّبَةِ مِنْ أَنَّ الْمَفْتُوحَةِ الْمُشَدَّدَةِ، وَضَمِيرِ جَمَاعَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمَحْذُوفِ مِنْهَا إِحْدَى النُّونَاتِ الثَّلَاثِ؛ فَإِنَّهَا مَرْسُومَةٌ بِالْأَلِفِ نَحْوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .
وَأَمَّا "عَلَى" الْحَرْفِيَّةِ وَهِيَ الْجَارَّةُ فَنَحْوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: حَرْفِيَّةٌ عَنْ "عَلَا" الْفِعْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا مَرْسُومَةٌ بِالْأَلِفِ نَحْوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4عَلا فِي الأَرْضِ ، وَرُسِمَتْ عَلَى الْحَرْفِيَّةِ بِالْيَاءِ فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ "عَلَا" الْفِعْلِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي "الْمُقْنِعِ" أَنَّ وَجْهَ رَسْمِ "عَلَى"، وَ: "إِلَى" بِالْيَاءِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ انْقِلَابُ أَلِفِهِمَا يَاءً مَعَ الضَّمِيرِ.
وَأَمَّا "مَتَى" الِاسْتِفْهَامِيَّةُ فَنَحْوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ، وَأَمَّا "بَلَى" فَنَحْوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَرُسِمَتْ أَنَّى وَمَتَى بِالْيَاءِ عَلَى مُرَادِ الْإِمَالَةِ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ: "بِمَا قَدْ جُهِلَا" بَدَلِيَّةٌ عَلَى حَدِّ هَذَا بِذَاكَ، وَمَا مَوْصُولٌ اسْمِيٌّ وَاقِعٌ عَلَى الْأَلِفَاتِ، وَالْأَلِفُ فِي "جُهِلَا" لِلْإِطْلَاقِ، وَ: "أَصْلًا": تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ، أَيْ: بِمَا قَدْ جُهِلَ أَصْلُهُ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِكِلْمٍ، بِمَعْنَى "فِي" وَكِلْمٍ، بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ، اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٌّ لِكِلْمَةٍ بِكَسْرِ الْكَافِ، وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْضًا عَلَى إِحْدَى اللُّغَاتِ، وَقَوْلُهُ: فِي الِاسْتِفْهَامِ حَالٌ مِنْ: "أَنَّى"، وَحَرْفِيَّةً حَالٌ مِنْ عَلَى.
ثُمَّ قَالَ:
وَفِي لَدَى فِي غَافِرٍ يُخْتَلَفُ وَفِي لَدَا الْبَابِ اتِّفَاقًا أَلِفُ
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْكَلِمَةَ السَّابِعَةَ تَمَامَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي أَلِفُهَا مَجْهُولَةٌ، وَهِيَ: "لَدَى" فَأَخْبَرَ عَنِ الشَّيْخَيْنِ بِاخْتِلَافِ الْمَصَاحِفِ فِي أَلِفِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18لَدَى الْحَنَاجِرِ ، فِي "غَافِرٍ" فَفِي بَعْضِهَا بِالْيَاءِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْأَلِفِ، وَبِاتِّفَاقِهَا عَلَى الْأَلِفِ فِي: "لَدَا الْبَابِ" فِي "يُوسُفَ"، قَالَ فِي: "الْمُقْنِعِ" وَأَكْثَرُهَا فِي "غَافِرٍ" عَلَى الْيَاءِ، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَعْنَى الَّذِي فِي "يُوسُفَ": عِنْدَ، وَالَّذِي فِي "غَافِرٍ" فِي، فَلِذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكِتَابَةِ، وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: الْمَرْسُومُ بِالْأَلِفِ عَلَى اللَّفْظِ، وَالْمَرْسُومُ بِالْيَاءِ لِانْقِلَابِ الْأَلِفِ يَاءً مَعَ الْإِضَافَةِ إِلَى الضَّمِيرِ. اهـ. وَاقْتَصَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ "التَّنْزِيلِ" عَلَى الْيَاءِ فِي "لَدَى" فِي "غَافِرٍ" وَحَكَى فِيهَا الْخِلَافَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ، وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى رَسْمِ لَدَى فِي غَافِرٍ بِالْيَاءِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ الْمَصَاحِفِ