الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3975 - أخبرنا أبو سعيد الطاهري ، أنا جدي عبد الصمد البزاز ، أنا محمد بن زكريا العذافري ، أنا إسحاق الدبري ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، قال: اجتمع ناس من الأنصار، فقالوا: يؤثر رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا غيرنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطبهم ثم قال: "يا معشر الأنصار، ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله ورسوله"، قال: "ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله؟"، قالوا: صدق الله ورسوله، قال: "ألم تكونوا فقراء، فأغناكم الله ورسوله"، قالوا: صدق الله ورسوله، قال: " ألا تجيبوني، ألا تقولون: أتيتنا طريدا فآويناك، وأتيتنا خائفا فأمناك، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم تدخلونه دوركم، لو أنكم سلكتم واديا أو شعبا، وسلك الناس واديا أو شعبا، لسلكت واديكم أو شعبكم، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، وإنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني ". [ ص: 176 ] .

                                                                            أخرجه محمد من رواية عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد .

                                                                            قوله: " لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار "، ليس المراد منه الانتقال عن النسب الولادي، لأنه حرام، مع أن نسبه عليه السلام أفضل الأنساب وأكرمها، إنما المراد منه النسب البلادي، معناه: لولا أن الهجرة أمر ظاهر كانت بسبب الدين، ونسبتها دينية لا يسعني تركها، لأنها عبادة كنت مأمورا بها، لانتسبت إلى داركم، ولانتقلت عن هذا الاسم إليكم.

                                                                            وقوله: "لو أن الناس أخذوا واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم"، أراد: أن أرض الحجاز كثيرة الأودية والشعاب، إذا ضاق الطريق عن الجميع، فسلك رئيس شعبا اتبعه قومه حتى يفضوا إلى الجادة، وفيه وجه آخر أراد بالوادي: الرأي والمذهب، كما يقال: فلان في واد، وأنا في واد، هذا معنى كلام الخطابي رحمه الله.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية