الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب غزوة خيبر .

                                                                            قال ابن إسحاق : كان في محرم سنة سبع.

                                                                            3805 أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا قتيبة بن سعيد ، نا حاتم بن إسماعيل ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع ، قال: [ ص: 20 ] خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك وكان عامر رجلا شاعرا، فنزل يحدو بالقوم، يقول:


                                                                            اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا.

                                                                                فاغفر فداء لك ما اقتفينا
                                                                            ... وثبت الأقدام إن لاقينا.

                                                                                وألقين سكينة علينا
                                                                            ... إنا إذا صيح بنا أبينا.




                                                                            وبالصياح عولوا علينا.



                                                                            ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من هذا السائق"؟ فقالوا: عامر بن الأكوع، فقال: "يرحمه الله"، فقال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله لولا أمتعتنا به، قال: فأتينا خيبر ، فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة، ثم إن الله فتحها عليهم، فلما أمسى الناس اليوم الذي فتحت عليهم، أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما هذه [ ص: 21 ] النيران على أي شيء توقدون"؟ قالوا: على لحم، قال: على أي لحم؟ قالوا: على لحم حمر الإنسية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أهريقوها واكسروها"، فقال رجل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نهريقها ونغسلها؟ قال: "أو ذاك"، قال: فلما تصاف القوم، كان سيف عامر فيه قصر، فتناول به يهوديا ليضربه ويرجع ذباب سيفه، فأصاب ركبة عامر ، فمات منه، فلما قفلوا، قال سلمة : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحبا، فقال لي: " مالك "؟ قلت: فدى لك أبي وأمي، زعموا أن عامرا حبط عمله، قال: "من قاله"، قلت: قاله فلان وفلان وفلان، وأسيد بن الحضير الأنصاري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كذب من قاله، إن له لأجرين، وجمع بين أصبعيه، إنه لجاهد مجاهد قل عربي نشأ بها مثله".


                                                                            هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم أيضا، عن قتيبة بن سعيد [ ص: 22 ] قوله: من هنيهاتك، أي: من أراجيزك وهي تصغير هنة، كما يقال: سنة وسنيهة.

                                                                            قوله: عولوا علينا، أي: أجلبوا بالصوت علينا من العويل، يقال: أعولت المرآة وعولت.

                                                                            3806 أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا المكي بن إبراهيم ، نا يزيد بن أبي عبيد ، قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت: يا أبا مسلم ، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر ، فقال الناس: أصيب سلمة ، فأتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم "فنفث فيها ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة".

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية