الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4184 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران السكري ، ببغداد ، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، نا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، قال: قال لي الزهري : ألا أحدثك بحديثين عجيبين، أخبرني حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه، فقال: إذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم اذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا، فقال: ففعلوا به ذلك، فقال الله للأرض: أدي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ [ ص: 382 ] .

                                                                            قال: خشيتك يا رب، أو قال: مخافتك، فغفر له بذلك "
                                                                            ، قال: وحدثني حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت" ، قال الزهري : ذلك لئلا يتكل أحد، ولا ييأس أحد.

                                                                            هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق ، وأخرج محمد الحديث الأول، عن عبد الله بن محمد ، عن هشام ، عن معمر .

                                                                            قيل في قوله: "لئن قدر علي ربي" معناه: قدر بالتشديد من التقدير لا من القدرة، ومثله قوله سبحانه وتعالى في قصة يونس : ( فظن أن لن نقدر عليه ) ، قيل: هو من التقدير، أي: لن نقدر عليه بلاء وعقوبة، وهو ما قدر من كونه في بطن الحوت، يقال: قدر وقدر بمعنى واحد، وليس من القدرة، وقيل: معناه فظن أن لن نضيق عليه، من قوله سبحانه وتعالى: ( فقدر عليه رزقه ) أي: فضيق.

                                                                            وفي بعض الروايات: "فاذروني في الريح فلعلي أضل الله فلعلي أفوته"، يقال: ضل الشيء: إذا فات، ومنه قوله سبحانه وتعالى: [ ص: 383 ] ( في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ) أي: لا يفوته، وقيل: معناه لعل موضعي يخفى عليه.

                                                                            فإن قيل: كيف غفر له وهو منكر للبعث؟ قلنا: لم يكن منكرا للبعث، ولكن كان يفعله من خشية البعث، ولكنه كان جاهلا ظن أنه إذا فعل ذلك ترك فلم ينشر ولم يعذب، أو ظن أن هذه الحيلة تنجيه مما يخافه.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية