الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4175 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، نا أبو كريب محمد بن العلاء ، نا معاوية بن هشام ، عن شيبان ، عن أبي إسحاق ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: قال أبو بكر : يا رسول الله، قد شبت، قال صلى الله عليه وسلم : " شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ".

                                                                            قال أبو عيسى : هذا حديث غريب، لا يعرف من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه.

                                                                            4176 - أخبرنا أبو محمد الجوزجاني ، أنا أبو القاسم ، أنا الهيثم [ ص: 373 ] بن كليب، نا أبو عيسى ، نا سفيان بن وكيع ، نا محمد بن بشير، عن علي بن صالح ، عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة ، قال: قالوا: يا رسول الله، قد شبت، قال: "شيبتني هود وأخواتها".

                                                                            وفي بعض الأحاديث: " كان داود صلوات الله عليه إذا ذكر عقاب الله تخلعت أوصاله، لا يشدها إلا الأسر، أي: العصب والشد ".

                                                                            قال عبد الله بن عامر بن ربيعة : رأيت عمر بن الخطاب أخذ تبنة من الأرض، فقال: "يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أكن شيئا، ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت نسيا منسيا".

                                                                            قال ابن عمر : " كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال لي: ضع رأسي، قال: فوضعته على الأرض، فقال: ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي ".

                                                                            وقال المسور بن مخرمة : لما طعن عمر ، قال: "لو أن لي طلاع الأرض ذهبا، لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه".

                                                                            وبكى أبو هريرة في مرضه، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: "أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بعد سفري وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي" . [ ص: 374 ] .

                                                                            وقال عبد الله بن مسعود : "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس في أصل جبل يخشى أن ينقلب عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا".

                                                                            قال الحسن : ما عبد الله بمثل طول الحزن، وقال: ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق.

                                                                            وقال الحسن : لقد مضى بين أيديكم أقوام لو أن أحدهم أنفق عدد هذا الحصى، لخشي أن لا ينجو من عظم ذلك اليوم.

                                                                            وقال أبو أيوب الأنصاري : "إن الرجل ليعمل المحقرات حتى يأتي الله وقد أحطن به، وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها حتى يأتي الله آمنا".

                                                                            وقال أبو حازم : إن الرجل ليعمل السيئة إن عمل حسنة قط أنفع له منها، وإنه ليعمل الحسنة إن عمل سيئة قط أضر عليه منها.

                                                                            وكان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس والله سبحانه وتعالى يقول: ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) ، ويقول: ( وأن المسرفين هم أصحاب النار ) ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم مبشرا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرا بالنار لمن عصاه.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية