الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب التجافي عن الدنيا .

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) ، قال مجاهد : الغرور: الشيطان، وقال عز وجل: ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) ، وعن هشام بن عروة قال: كان أبي إذا دخل على من يرى عنده شيئا من زينة الدنيا أسرع الرجوع إلى أهله، وقام بالباب، فنادى: ( ولا تمدن عينيك ) ، إلى آخر الآية، ثم ينادي: الصلاة [ ص: 234 ] الصلاة، فيقومون، فيصلون أجمعون، وأراد اتباع قوله عز وجل: ( وأمر أهلك بالصلاة ) .

                                                                            4033 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا الحسين بن محمد بن إبراهيم السراج، أنا محمد بن الحسين بن الحسن القطان ، نا علي بن الحسن القطان ، حدثنا يعلى .

                                                                            ح وأخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأديب، أنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، نا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، نا يعلى بن عبيد ، نا أبان بن إسحاق ، عن الصباح بن محمد ، عن مرة الهمذاني، عن ابن مسعود ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه: "استحيوا من الله حق الحياء"، قالوا: إنا نستحي يا نبي الله، والحمد لله، قال: "ليس ذاك ولكن من استحيا من الله حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن، وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء". [ ص: 235 ] .

                                                                            هذا حديث غريب، إنما يعرف هذا الحديث من حديث أبان بن إسحاق ، عن الصباح بن محمد .

                                                                            وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي ، نا عبد الرحيم بن منيب ، نا يعلى بهذا الإسناد مثله.

                                                                            قوله: "فليحفظ الرأس وما وعى"، فالوعي: الحفظ، قلت: يريد والله أعلم: وما يحفظه الرأس من السمع، والبصر، واللسان، حتى لا يستعملها إلا فيما يحل.

                                                                            وقوله: "والبطن وما حوى"، أي: ما جمع، يعني: لا يجمع فيه إلا الحلال، ولا يأكل إلا الطيب، ويروى: "ولا تنسوا الجوف وما وعى، والرأس وما احتوى"، قيل: أراد بالجوف البطن والفرج كما جاء في الحديث: "أكثر ما يدخل أمتي النار الأجوفان"، وقيل: أراد به القلب وما وعى من معرفة الله سبحانه وتعالى، والعلم بالحلال والحرام أن لا يضيع ذلك، وأراد "بالرأس وما احتوى": الدماغ، وإنما خص القلب والدماغ؛ لأنهما مجمعا العقل.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية