الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4210 - أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أنا جدي [ ص: 407 ] أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري ، أنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن قتادة ، عن مطرف ، عن عبد الله بن الشخير، عن عياض بن حمار المجاشعي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل أمرني أن أعلمكم مما جهلتم مما علمني يومي هذا، وإنه قال: وإن كل ما لي نحلته عبادي، فهو لهم حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، فأتتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، وإن الله أمرني أن أحرق قريشا، فقلت: يا رب، إنهم إذا يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة، فقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وقد أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه في المنام واليقظة، فاغزهم نغزك، وأنفق ننفق عليك، وابعث جيشا نمددك بخمسة أمثالهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك.

                                                                            ثم قال: أهل الجنة ثلاثة: إمام مقسط، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، ورجل غني عفيف متصدق، وأهل [ ص: 408 ] النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له، الذين هم فيكم تبع لا يبتغون بذلك أهلا ولا مالا، ورجل لا يخفى له طمع وإن دق إلا ذهب به، والشنظير الفاحش، وذكر البخل، والكذب ".


                                                                            هذا حديث صحيح أخرجه مسلم ، عن محمد بن مثنى ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه، عن قتادة .

                                                                            قوله: "حنفاء" جمع حنيف من الحنف، والحنف: إقبال إحدى القدمين على الأخرى، فالحنيف: الصحيح الميل إلى الإسلام، الثابت عليه، وقيل: الحنف: الاستقامة، وقيل للمائل الرجل: أحنف تفاؤلا بالاستقامة.

                                                                            وقوله: "فاجتالتهم" أي: استخفتهم فجالوا معه، يقال: اجتال الرجل الشيء: إذا ذهب به وساقه، والمقت: أشد البغض، وقوله: "يثلغوا رأسي" أي: يشدخوه كما تشدخ الخبزة.

                                                                            وقوله: "أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء" أي: لا ينمحي أبدا، بل هو محفوظ في صدور الذين أوتوا العلم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

                                                                            وقوله: "تقرؤه في المنام واليقظة"، أي: تجمعه حفظا وأنت نائم، كما تجمعه وأنت يقظان، وقيل: معناه: تقرؤه في يسر وسهولة [ ص: 409 ] ظاهرا، يقال للرجل إذا كان قادرا على الشيء: هو يفعله نائما، كما يقال: هو يسبقه قاعدا، والقاعد لا سبق له.

                                                                            وقوله: "لا زبر له" أي: لا عقل له، والشنظير: السيئ الخلق.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية