الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب التوكل على الله عز وجل .

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( وعلى الله فليتوكل المتوكلون ) أي: ليكلوا أمورهم إليه، وقال سبحانه وتعالى: ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) وقال سبحانه وتعالى: ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) قال الربيع بن خثيم: من كل ما ضاق على الناس.

                                                                            وقال ابن عباس : "حسبنا الله ونعم الوكيل"، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد ، حين قالوا: ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .

                                                                            وقال الله عز وجل إخبارا عن يوسف عليه السلام: ( وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه ) ، قال ابن عباس : [ ص: 299 ] معناه أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه حتى استغاث بمخلوق ( فلبث في السجن بضع سنين ) روي عن الحسن البصري ، قال: دخل جبريل على يوسف في السجن، فقال له يوسف: " يا أخا المنذرين ماذا تعمل بين المذنبين؟ فقال له جبريل عليه السلام: يا طيب ابن الطيبين، يقول لك ربك: أما استحييت مني أن استغثت بمخلوق مثلك؟، وعزتي لأطيلن حبسك.

                                                                            فقال له يوسف: أهو راض عني؟ قال: نعم.

                                                                            قال: إذا لا أبالي ".


                                                                            وقال سبحانه وتعالى: ( وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ) ، ويعني قوله: ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ) .

                                                                            4107 - أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أنا أبو عبد الله الحسين بن شجاع البزاز، ببغداد ، أنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الأنباري، نا محمد بن أبي العوام، نا وهب بن جرير ، نا هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يدخل سبعون ألفا من أمتي الجنة بغير حساب"، قيل: [ ص: 300 ] يا رسول الله، من هم؟ قال: "هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون"، فقال عكاشة بن محصن: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم؟ قال: "أنت منهم" ثم قام آخر، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم؟ فقال: "سبقك بها عكاشة ".

                                                                            هذا حديث صحيح أخرجه مسلم ، عن يحيى بن خلف ، عن المعتمر ، عن هشام بن حسان ، عن محمد ، عن عمران .

                                                                            وروي عن المغيرة بن شعبة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "من اكتوى فقد برئ من التوكل".

                                                                            وعن مطرف بن عبد الله ، قال: قال عمران بن حصين : "كان يسلم علي ، فلما اكتويت رفع عني، فلما تركت ذلك، عاد إلي".

                                                                            وعن أبي التياح ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين ، قال: اعلم يا مطرف ، أنه كان تسلم الملائكة علي عند رأسي، وعند باب [ ص: 301 ] البيت، وعند باب الحجرة، فلما اكتويت ذهبت تلك.

                                                                            فلما برأ كلمه، قال: اعلم يا مطرف ، أنه عاد إلي الذي كان، اكتم علي يا مطرف حتى أموت.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية