الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3793 - أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا خلاد بن يحيى ، نا عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، قال: أتيت جابر بن عبد الله ، فقال: " إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب، فعاد كثيبا أهيل، أو [ ص: 6 ] أهيم، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير، وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج، فقلت: طعيم لي، فقم أنت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل أو رجلان، فقال: كم هو؟ فذكرت له، فقال: " كثير طيب"، قال: قل لها: "لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي"، قال: "قوموا"، فقام المهاجرون، فلما دخل على امرأته، قال: ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال: " ادخلوا ولا تضاغطوا، فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا، وبقي بقية ، قال: "كلي وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة".

                                                                            ورواه سعيد بن ميناء ، عن جابر ، وقال: ذبحنا بهيمة وطحنت صاعا من شعير، وقال: وهم ألف، فأقسم بالله [ ص: 7 ] لأكلوا حتى تركوه.

                                                                            هذا حديث متفق على صحته وأخرجه مسلم من طريق آخر، عن سعيد بن ميناء ، عن جابر .

                                                                            قوله: فعرضت كدية، أي: قطعة غليظة صلبة لا يعمل فيها الفأس والمعول، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( وأعطى قليلا وأكدى ) أي: قطع العطاء، يقال: أكدى الحافر: إذا بلغ الكدية، فقطع الحفر.

                                                                            وقوله: أهيل، الأهيل والهيال: السيال، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( كثيبا مهيلا ) أي: مصبوبا سائلا، يقال: تهيل الرمل: إذا سال، ومن روى: أهيم، يقال: كثيب أهيم، وكثبان هيم، والهيم: الرمال التي لا يرويها ماء السماء، وبه فسر بعضهم قوله سبحانه وتعالى: ( فشاربون شرب الهيم ) .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية