الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            304 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مر بشاة لمولاة ميمونة ميتة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما على أهل هذه لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به"، قالوا: يا رسول الله، إنها ميتة؟ قال: إنما حرم أكلها ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجاه من طرق، عن الزهري.

                                                                            وروي عن ميمونة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يطهرها الماء والقرظ [ ص: 99 ] قال الإمام رضي الله عنه: اتفق أهل العلم من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم رضي الله عنهم أن كل حيوان يؤكل لحمه، فإذا مات يطهر جلده بالدباغ، إلا شيئا يحكى عن أحمد، أنه كان يقول: "لا يطهر"، لما روي عن عبد الله بن عكيم، قال: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهرين: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" فكان يقول: هذا الحديث صار ناسخا لما سواه، ثم ترك القول به للاضطراب في إسناده، فإنه يروى عن عبد الله بن عكيم، عن أشياخ لهم، وتأوله الآخرون إن ثبت على الانتفاع به قبل الدباغ.

                                                                            قال النضر بن شميل: يسمى إهابا ما لم يدبغ.

                                                                            فأما ما لا يؤكل لحمه، فاختلفوا في طهارة جلده بالدباغ، فذهب جماعة إلى أنه لا يطهر بالدباغ جلد غير المأكول، يروى ذلك عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، وهو قول الأوزاعي، وابن المبارك، وإسحاق، وأبي ثور، لما روي عن أبي المليح "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع". [ ص: 100 ] .

                                                                            وعن أبي ريحانة "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمور".

                                                                            وذهب قوم إلى أنه يطهر الكل بالدباغ، إلا جلد الكلب والخنزير، وهو قول علي، وابن مسعود، وإليه ذهب الشافعي.

                                                                            وذهب أصحاب الرأي إلى أن جلد الكلب يطهر بالدباغ، وهؤلاء حملوا النهي في حديث أبي المليح على ما قبل الدباغ، وكذلك حديث أبي ريحانة، ولأن جلد النمر إنما يركب لشعره، والشعر لا يقبل الدباغ، أو إنما نهي عنه لما فيه من الزينة والخيلاء.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية