الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب الماء الذي لا ينجس.

                                                                            282 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا عبد الرحيم بن منيب، نا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه سئل عن الماء الذي يكون في الفلاة وما يرد من السباع والدواب؟ قال: إذا كان الماء قلتين، ليس يحمل الخبث ".

                                                                            قال الإمام: في هذا الحديث بيان أن الماء إذا بلغ قلتين، ووقعت فيه نجاسة لم تغيره، أنه لا ينجس.

                                                                            وقوله: "ليس يحمل الخبث" أي: يدفع عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحتمل الضيم، أي: يأباه ويدفعه عن نفسه.

                                                                            وروى الشافعي، عن مسلم بن خالد، عن ابن جريج، بإسناد لم يحضره [ ص: 59 ] ذكره هذا الحديث، وقال فيه: "بقلال هجر".

                                                                            قال ابن جريج: وقد رأيت قلال هجر، فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا.

                                                                            قال أبو عبيد: قوله: "قلتين" يعني: من هذه الحباب العظام، واحدتها: قلة، وهي معروفة بالحجاز، والجمع: قلال، ويقال: سميت قلة لأنها لا تقل، أي: ترفع.

                                                                            قال الإمام: وقدر الشافعي القلتين بخمس قرب، وقدرها أصحابه بخمس مائة رطل وزنا، كل قربة مائة رطل.

                                                                            وممن ذهب إلى تحديد الماء بالقلتين، وقال: إذا بلغ الماء هذا الحد، ووقعت فيه نجاسة لا ينجس ما لم يتغير ريحه أو طعمه أو لونه من النجاسة: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وجماعة من أصحاب الحديث.

                                                                            وقدر بعض أصحاب الرأي الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع، وهذا تحديد لا يرجع إلى أصل شرعي يعتمد عليه. [ ص: 60 ] .

                                                                            وحده بعضهم بأن يكون في غدير عظيم، بحيث لو حرك منه جانب لم يضطرب منه الجانب الآخر، وهذا في غاية الجهالة، لاختلاف أحوال المحركين في القوة والضعف.

                                                                            وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الماء القليل لا ينجس بوقوع النجاسة فيه، ما لم يتغير طعمه أو ريحه، وهو قول الحسن، والعطاء، والنخعي، وبه قال الزهري، واحتجوا بما.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية