الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب الترجيع في الأذان.

                                                                            407 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، أن عبد الله بن محيريز أخبره، وكان يتيما في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام، فقلت لأبي محذورة: أي عم، إني خارج إلى الشام، وإني أخشى أن أسأل عن تأذينك.

                                                                            فأخبرني أن أبا محذورة، قال له: نعم، خرجت في نفر، فكنا ببعض طريق حنين، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون، فصرخنا نحكيه [ ص: 260 ] ونستهزئ به، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟" فأشار القوم كلهم إلي، وصدقوا، فأرسل كلهم وحبسني، فقال: "قم فأذن بالصلاة" فقمت ولا شيء أكره إلي من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا مما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه.

                                                                            فقال: " قل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله "، ثم قال: "ارجع فامدد من صوتك"، ثم قال لي: " قل: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ".

                                                                            ثم دعاني حين قضيت التأذين، فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم [ ص: 261 ] أمرها على وجهه، ثم من بين يديه، ثم على كبده، ثم بلغت يده سرة أبي محذورة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بارك الله فيك، وبارك عليك"، فقلت: يا رسول الله، مرني بالتأذين بمكة، فقال: "قد أمرتك به"، وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية، وعاد ذلك كله محبة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذنت بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
                                                                            [ ص: 262 ] .

                                                                            قال الشافعي: وأدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز، وسمعته يحدث عن أبيه، عن ابن محيريز، عن أبي محذورة، عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى ما حكى ابن جريج.

                                                                            وابن جريج: اسمه عبد الملك بن جريج أبو الوليد، مكي، مولى بني أمية بن خالد القرشي، مات سنة خمسين ومائة، ويقال: تسع وأربعين، ويقال: هو مولى لآل خالد بن أسيد، أصله رومي.

                                                                            قلت: حديث أبي محذورة في الترجيع حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن عامر الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة.

                                                                            وأبو محذورة: اسمه سمرة بن معير القرشي، جمحي، ويقال: جابر بن معير [ ص: 263 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية